| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 2/5/ 2013                                                                      

 

شنــاشيــــل :

أين المساءلة ؟ أين العدالة ؟

عدنان حسين   

الأزمة السياسية والاجتماعية الراهنة المفتوحة على أخطر وأسوأ الاحتمالات، وهو الحرب الأهلية الطائفية واسعة النطاق ومن ثم التقسيم، يستند ركن من أركانها الأساس الى قضية المساءلة والعدالة (اجتثاب البعث سابقاً)، ومن الطبيعي أن يستند ركن أساس من أركان حل الأزمة الى معالجة هذه القضية.
مثل كل القوانين المُشرّعة في السنين العشر الماضية، بما فيها الدستور الدائم، كتب قانون اجتثاث البعث على عجل وتحت وطأة الانتقام من البعثيين جميعاً من دون تمييز. ولم يشأ معظم أصحاب القرار في العملية السياسية أن يستمعوا الى كلام الحكماء بضرورة التفريق بين قيادات حزب البعث وعناصره القمعية في الأجهزة الأمنية وقاعدة حزب البعث التي لم تكن لها في الغالب حرية الاختيار في الانتماء الى ذلك الحزب.
عملياً لم يؤد قانون الاجتثاث الذي أعيدت تسميته لاحقاً (للتمويه على الأرجح) بالمساءلة والعدالة، الى المقاصد والغايات منه، فقد استثمره رئيس السلطة التنفيذية المتمتع بسلطة الاستثناء من القانون في الأغراض السياسية، والشخصية أيضاً، إذ استثنى من استثنى من دون معايير أو ضوابط محددة وواضحة. وعلى هذا استثنيت شخصيات بعثية مشمولة بالاجتثاث لأسباب قيل في البداية أنها تعود الى السعي لإشراك السنة في العملية السياسية. لكن استثناءات رئيس الوزراء توسّع نطاقها فيما بعد ليشمل العديد من قيادات البعث، وبخاصة الأمنية والعسكرية، بل أن الاستثناء شمل عدداً غير قليل من المتهمين بقتل وتعذيب المناضلين المعارضين لنظام صدام وعائلاتهم. وهذه القيادات، ومعظمها شيعي، موجودة في الخدمة الآن، وتفيد مؤشرات بأنها قدمت فروض الولاء لرئيس الوزراء شخصياً مقابل الاستثناء.
في المقابل أضير من القانون، بنسختيه الأولى والثانية، الآلاف من البعثيين السابقين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدم، وقد اتخذت اللجنة الحكومية التي تشكلت أخيراً للنظر في مطالب متظاهري المنطقة الغربية قرارات بصرف رواتب تقاعدية لبعض هؤلاء وإعادة بعضهم الآخر الى الخدمة.
ازدواجية معايير وأهواء شخصية واعتبارات طائفية سادت عملية تطبيق القانون، وهذا ما أثار نقمة مئات الآلاف ممن أضيروا من عملية التطبيق. وكان لهذه النقمة أن تحدث في وقت ما، فما من منطق ولا وجه حق في إعفاء بعثيّ كبير مجرم وتمكينه من مناصب مهمة في الدولة وتجريم بعثي صغير لا دليل على ارتكابه جريمة قمع في حق الناس، وما من منطق أو وجه حق في أن يقرر هذا الإعفاء شخص واحد هو رئيس الوزراء.
بالمختصر، خلال عشر سنوات لم تكن هناك عدالة في تطبيق المساءلة والعدالة، ولم تكن هناك مساءلة في الأساس، فلم تُعقد محاكمات مغلقة أو مفتوحة لمساءلة المتهمين وتوفير حق الدفاع لهم وحق الاعتراف بذنوبهم وطلب المغفرة، ولاطلاع الناس على ما كان يجري في العهد المباد.
قضية المساءلة والعدالة وتحريم فكر البعث مطروحة الآن أمام مجلس النواب، وثمة انقسام حاد داخل المجلس بشأنها. يجب إعادة النظر كلياً في هذه القضية وتحريرها من اعتباطية التطبيق. لا بد أن توضع هذه العملية في أيدي هيئة وطنية مُعتبرة، وليس في يدي شخص واحد حتى لو كان هو رئيس الوزراء، وحتى لو كان هذا المالكي أو الجعفري أو علاوي أو سواهم.


المدى
العدد (2786) 2/5/2013

 

 

free web counter