كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

الأربعاء 2/11/ 2011

شنــاشيــــل : فيدرالية .. ولكن ! عدنان حسين الفيدرالية حق غير منازع للشعوب والجماعات التي تختار ممارسته والتمتع به، كما الإنفصال والاستقلال حق للجماعات والأفراد سواء بسواء. فنحن الآن في عالم يُعطي للفرد الواحد حق العيش والعمل أينما رغب والتنقل كيفما شاء. وفي الاتحاد الأوروبي الذي أصبح عدد أعضائه من الدول بالعشرات، يتمتع كل واحد من مواطني هذه الدول الكثيرة بالحق في أن يعمل ويعيش في أيّ منها. نعم، نحن في عالم مختلف عن العالم القديم الذي كانت فيه الحقوق والحريات العامة والفردية مقيّدة بقيود سياسية باسم الوطن والقومية والدين، وضعها من استخدموا الوطن والقومية والدين مطايا لهم ... نحن في عالم يرعى ويصون حقوق الحيوانات، ليست النادرة المُهدّدة بالانقراض حسب وانما حتى تلك التي تعيش منها في كوكبنا مئات الملايين، كالقطط والكلاب. الدعوة التي تبناها مجلس محافظة صلاح الدين (تكريت) لإعلان المحافظة إقليماً في إطار العراق الفيدرالي، والإشارات الصادرة من محافظات الأنبار وديالى ونينوى في هذا الإتجاه أيضا، شرعية وصحيحة وسليمة ودستورية من حيث المبدأ، ولكن. لماذا : ولكن؟ لأن التوقيت غير مناسب والاسلوب غير ملائم والحجة غير كافية. اما التوقيت فلأنه يجيء عشية الانسحاب الأميركي الكامل، ما يعكس إتجاها لاستثمار الفراغ الأمني المحتمل نشوؤه غداة الانسحاب. وفي هذا التوقيت بالذات فان مطلب إعلان بعض المحافظات أقاليم يثير حفيظة سائر سكان البلاد الذين يمكن أن يروا في هذا المطلب عملاً يُنذر بتفتيت البلاد في ظرف غير ملائم وبطريقة ليست سليمة. وبخصوص الاسلوب فان قضايا الفيدرالية والانفصال والاستقلال لا ينبغي أن ينفرد بها نفر قليل من الناس حتى لو كانوا مُنتخبين من سكان محافظتهم، فهم أُنتخبوا لغرض آخر هو تسيير أمور المحافظة وتيسير حياة الناس فيها. ولم يتضمن البرنامج الانتخابي لأعضاء مجالس المحافظات المطالبين الآن باعلان محافظاتهم أقاليم هذا المطلب. ولابدّ إذاً من استطلاع رأي سكان المحافظة، وهذا يكون عبر مؤتمرات وندوات وعرائض يوقّع عليها عشرات الآلاف من السكان من مناطق مختلفة وشرائح اجتماعية متعددة، وبخاصة النخبة الواعية. أما الحجة المطروحة كدافع للمطالبة باعلان الاقاليم فهي في الغالب، كما تشير تصريحات متبني هذا الشعار ومسانديهم، الإهمال والتهميش من جانب الحكومة الإتحادية. وهي حجة مردودة لأنه في الواقع ليس المحافظات السنّية وحدها مُهملة وليس سكان المحافظات السنّية وحدهم مهمشين ، فكل محافظات العراق، باستثناء الواقعة تحت سلطة إقليم كردستان الى حدّ ما، تكابد الإهمال، والغالبية الساحقة من سكان العراق، عدا سكان محافظات أربيل والسليمانية ودهوك بقدر ما أيضاً، تعاني من التهميش. اذهبوا الى الديوانية والسماوة والكوت والحلة والبصرة والناصرية والعمارة والنجف وكربلاء وأريافها، وحتى العاصمة بغداد بأحيائها السنية والشيعية، لتروا كيف يكون الإهمال والتهميش، فالعراقيون في العهد الجديد أيضاً، كما في العهد السابق، يتمتعون بالمساواة وتكافؤ الفرص ... في الإهمال والتهميش!.   العدد (2296) الأربعاء 2/11/2011