| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 29/12/ 2012                                                                      

 

شنــاشيــــل :

ارحلوا .. ارحلوا

عدنان حسين       

لا .. لا.. لم تغرق بغداد في المطر الثلاثاء الماضي، ولا في الوحل والمستنقعات طوال الأيام الثلاثة التالية.. ولم تغرق الحلة ولا كربلاء ولا الكوت ولا البصرة ولا عشرات من المدن والبلدات والقرى الأخرى .. لا، ولم يُحاصر بفيضان المطر عشرات آلاف العراقيين في بيوتهم أو خارجها.

الذي غرق هو الطبقة السياسية الحاكمة .. غرقت من أخمص القدمين الى قمة الرأس في مستنقع الفضيحة، وطاف فسادها وسوء تدبيرها وأخلاقها، فتكللت بالعار والشنار. والذين حوصروا هم أفراد هذه الطبقة بمستويات مسؤولياتهم كافة.. حوصروا بغضب الناس العارم وحنقهم الشديد وسخريتهم الحادة .

الطبقة السياسية الحاكمة، من كل الكتل والائتلافات، هي من غرق وحُوصر في أيام المطر والفيضان، وهي من انكشف انكشافاً سافرا،ً بوصفها طبقة كذّابة، دجّالة، منافقة، محتالة، فاسدة وأنانية، منزوعة الأخلاق والضمير والوطنية ..تبدّى أفراد هذه الطبقة المتكبرون والمتجبرون في يوم المطر في حجومهم الحقيقية التي لا تزيد عن حجم عقلة الإصبع (ليتهم كانوا بذكائه وغيرته على إخوانه).

لماذا حدث ما حدث يوم الثلاثاء وبعده؟
حدث ذلك لأننا نفتقر الى طبقة سياسية حاكمة محترمة .. تحترم نفسها وشعبها. فلو كانت لدينا حكومة تحترم نفسها وشعبها لاستقالت بكامل طاقمها قبل أن تغيب الشمس يوم الثلاثاء الماضي متحملة المسؤولية عن التقصير وسوء الإدارة والفساد. ولو كان لدينا برلمان يحترم نفسه وشعبه لحلّ نفسه بكافة أعضائه في الوقت نفسه متحملاً المسؤولية عن التقصير في التشريع والمراقبة. ولو كانت لدينا سلطة قضائية تحترم نفسها وشعبها لقدمت استقالتها في الوقت عينه متحملة المسؤولية عن التقصير في فرض سلطة القانون وتحقيق العدل والإنصاف. ولو كانت لدينا أمانة عاصمة تحترم نفسها وشعبها ومجلس محافظة في العاصمة يحترم نفسه وشعبه ومجالس محافظات تحترم نفسها وشعبها لاستقالت عن بكرة أبيها في يوم المطر أيضاً متحملة المسؤولية عن التقصير وسوء الإدارة والفساد.

يا كل أعضاء الحكومة والبرلمان ومجلس القضاء الأعلى وأمانة بغداد ومجالس المحافظات، مطر الثلاثاء كشف عن عوراتكم جميعاً بوصفكم لستم على قدر المسؤولية .. لستم أهلاً للثقة .. أعطيناكم عشر سنوات، أو ستاً في الأقل، فلم تحققوا لنا شيئاً ولم تجلبوا لأنفسكم غير العار.

أنتم جميعاً لا تلزموننا .. لا حاجة بنا إليكم ولا فائدة لنا أو منفعة فيكم، فانتم سبب بلائنا ومحنتنا ومعاناتنا ونكد عيشنا .. أنتم بلوانا ومشكلتنا.

ارحلوا كلكم .. لا نريدكم .. لا أمل يرتجى فيكم .. أنتم جميعاً أسوأ من صدام ووزرائه وأعضاء برلمانه وقضاته .. نعم هذه هي الحقيقة، فلم تفعلوا شيئاً يعوضنا عما عانيناه وحرمنا منه في عهد صدام، بل ها انتم تفاقمون معاناتنا وحرماننا.

ارحلوا .. ارحلوا غير مأسوف عليكم، ففي رحيلكم عيد لنا وحياة حرة كريمة.
 


المدى
العدد (2689)  29/12/2012



 

 

free web counter