| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 29/10/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

مرض صدام يستوطن المنطقة الخضراء

عدنان حسين

الأربعاء الماضي كتب المحرر العسكري والأمني لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مايكل غوردون الذي عمل مراسلاً حربياً للصحيفة هنا في العراق في بداية الغزو العام 2003 ، تقريراً كشف فيه ، استنادا الى وثائق رسمية، جانباً مهماً من شخصية صدام حسين كان له دور مهم في تكوين شخصية الدكتاتور العدوانية التي دمّرت العراق والمنطقة.

الوثائق التي استقى منها غوردون مادة تقريره هي بعض مما وجدته االقوات الاميركية في قصور صدام ومقار أجهزة الأمن والاستخبارات لنظامه، وسمحت السلطات الأميركية بالاطلاع على هذا البعض منذ أيام عشية مؤتمر حول الحرب العراقية – الايرانية (1980 – 1988) عُقد في واشنطن.
واستخلص غوردن ان تلك الوثائق "تصف قائداً يميل إلى رؤية الأعداء في كل مكان"، فهو تصرّف مع ايران باعتبارها عدوته اللدود، ونظر في الوقت نفسه الى الولايات المتحدة على انها عدو أيضاً، بل ان شكوكه كانت تطال الاتحاد السوفييتي كذلك. وفي الداخل كانت ريبته تشمل الجميع.
وينقل غوردن عن الأستاذ المساعد في جامعة ديوك، هال براندز، الذي كان ممن درسوا الوثائق المعثور عليها في العراق في 2003، قوله ان صعود صدام حسين إلى السلطة، نتيجة سنوات من التآمر والتناحر الوحشي داخل حزب البعث، ربما أثّر على وجهة نظره تجاه بلدان أخرى، ويضيف: "لقد جاء إلى السلطة من خلال الوسائل التآمرية، ولذا افترض أن الجميع يعملون بهذه الطريقة".
صدام مات إعداماً منذ سنوات، لكن المشكلة ان المرض الذي ضربه في العمق وساهم في صناعة الكارثة العراقية المستمرة حتى الآن، قد استوطن المنطقة الخضراء في ما يبدو، فخلفاء صدام تظهر في سلوكهم اليومي أعراض المرض نفسه بوضوح شديد. زعماء الكتل والائتلافات والقوى السياسية المتنفذة في سلطة ما بعد صدام تتفاقم لديهم التصرفات التي تعكس الخوف والنفور من بعضهم البعض، بل كراهيتهم لبعضهم البعض والشك المتبادل في ما بينهم من ان الآخرين يسعون لتهميشهم واقصائهم والتآمر عليهم، مع انهم جميعا شركاء في السلطة وفي المغانم والامتيازات والحصص التي تمنحها اياهم هذه السلطة، وعندما يظهر "خطر" يُهدد هذه المغانم والامتيازات والحصص تراهم متفقين وموحدين في اتخاذ القرارات التي تخدم مصالحهم الحزبية والشخصية، كما حصل في مرات عدة في مجلس النواب والحكومة.
هذا المرض الصدامي يُعطّل الآن البرلمان عن تشريع القوانين الأساسية التي يحتاجها الشعب العراقي لتحسين ظروف معيشته وترسيخ عملية الانتقال الى النظام الديمقراطي، ويكبح امكانيات الاستقرار الأمني والسياسي والازدهار الاقتصادي في البلاد، بل انه يهدد بالمزيد من الخراب على غرار ما حدث في عهد صدام.
 


العدد (2292) السبت 29/10/2011






 

 

 

free web counter