| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 28/3/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

لا.. لسنا قطيعاً

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

لا مشكلة أبداً في أن تعقد الحكومة اتفاقاً مع "فصائل مسلحة" للتخلي عن سلاحها والالتحاق بالعملية السياسية، فإذا كان هذا هو ما تحقق تكون الحكومة قد قامت بعمل طيب يتوافق مع تطلعات الشعب العراقي نحو طي صفحة العنف الذي خرّب البلاد وأدخلها في محنة رهيبة وساعد في إقامة نظام حكم له علاقة بأي شيء إلا النظام الديمقراطي الذي أردنا أن يحل محل نظام صدام، المشكلة هي في ما إذا كان المُتفق معهم هم "فصائل مسلحة" حقاً، وما إذا كانت شروط الاتفاق معهم عادلة أم غير عادلة، لنتوقع نتائج ايجابية للاتفاق على صعيد إقرار السلم الأهلي.

في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير المصالحة الوطنية (وزارته ظلت خارج نطاق التغطية طيلة السنوات السابقة!) رأينا بضعة أشخاص مكشوفي الوجوه حاسري الرؤوس، بينما ظلت فصائلهم ملثمة بالنسبة لنا، من يمثلون؟ ما وزن فصائلهم؟ لا جواب!، كيف تأكدت الحكومة من أن أياً منهم لم يسفك قطرة دم عراقية لكي تتنازل عن حق الشعب (الحق العام) في مساءلتهم وتطبيق العدالة عليهم؟ ما الذي وعدتهم به الحكومة على صعيد المناصب والوظائف التي سيحتلونها والمغانم المالية مقابل انضمامهم إلى العملية السياسية؟ لا جواب أيضاً!

منذ بضع سنوات قال لي مثقف سعودي صديق إن "الشغلانة " الرائجة في بلاده في تلك الأيام أن يلتحق المرء بإحدى منظمات السلفية الجهادية الإرهابية والسفر إلى أفغانستان أو العراق أو اليمن أو البقاء ضمن الخلايا النائمة، ثم إبداء الندم والاتصال بالسلطات السعودية لضم "النادم" إلى برنامج إعادة التأهيل الذي أعدته الحكومة السعودية لهم، والالتحاق بالبرنامج يعني الحصول على منحة مالية كبيرة ووظيفة مناسبة ومسكن وربما زوجة أيضاً، بينما يعاني عشرات الآلاف من الشباب السعودي، بينهم حملة شهادات، من البطالة.

البرنامج الذي شمل حتى الذين اعتقلتهم السلطات السعودية في حملاتها الأمنية الداخلية، نجح في استقطاب بعض "المجاهدين"، لكن أغلبهم كان من الذين ملّوا "الجهاد" أو أُسقط في أيديهم بعد اعتقالهم، ومع هذا فان البعض منهم أعاد لاحقاً علاقاته مع فصائله، وعندما سنحت الفرصة فرّ من البلاد الى "بلاد الجهاد" الواسعة.

تتملكنا المخاوف من أن الذين قدّمهم إلينا وزير المصالحة في المؤتمر الصحفي هم من نوع "المجاهدين" السعوديين، فهو لم يُعرِّف بـ"فصائلهم"، والحكومة لم تُقدّم إلى وسائل الإعلام المعلومات الكافية عن هذه الفصائل وتاريخها، والقرائن على أنهم ليسوا من النوع الطامع في الكيكة كما الأطراف النافذة في العملية السياسية، والأدلة على أنهم فعلاً لم يسفكوا الدم العراقي ولم يكونوا ضالعين في أعمال الاختطاف وتفجير الأسواق ودوائر الدولة والمدارس والمستشفيات ودور العبادة لكل الأديان ومهاجمة المصارف ومحال الصاغة، وما إلى ذلك.

ومما زاد من ريبتنا أن القيادي في حزب الدعوة النائب كمال الساعدي بدا كما لو انه يدفع عن حزبه شبهة الاتفاق الذي أعلن عنه وزير المصالحة، وهو من قياديي حزب الدعوة أيضاً، فالساعدي أعلن، رداً على اتهام التيار الصدري أن خطوة الاتفاق كانت مع فصائل بعثية، وان "حزب الدعوة ليس له علاقة بإعلان الفصائل المسلحة عن تخليها عن العمل المسلح والانضمام إلى العملية السياسية"، وأن "القضية مرتبطة بوزارة المصالحة" .. لماذا لم يدافع عن "إنجاز" حكومته!؟

مرة أخرى لا مشكلة في سعي الحكومة إلى المصالحة وإقناع الجماعات المسلحة بالجنوح إلى السلم وإلقاء السلاح .. المشكلة هي إن هذه الحكومة تكيل بمكيالين، ففيما تتصالح مع المسلحيُن، حقيقيين أو مزيفين، وتعاملهم على طريقة برنامج إعادة التأهيل السعودي، تُشهّر بالشباب الوطني المطالب بإصلاح النظام وتُسيء معاملتهم، بل تسلخ جلودهم علناً.. والمشكلة أيضا إن هذه الحكومة تتعامل معنا (الشعب) باعتبارنا قطيعاً من الإمّعات يجب أن يؤدي التحية لكل ما تفعله، وهذا ما لا نقبل به منها أو من سواها، مثلما لم نقبل به من نظام صدام.



العدد (2083) الاثنين 28/03/2011






 

 

 

free web counter