| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 28/5/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

رسالة أخطأت العنوان

عدنان حسين

حتى الساعة التي بدأ فيها جيش المهدي استعراضه في بغداد الخميس الماضي كنت أعتقد أن قيادة التيار الصدري قد أعدت مفاجأة سعيدة للشعب العراقي لكي تعلنها في الاستعراض بتحويل الميليشيا السابقة إلى منظمة مدنية للخدمة الاجتماعية.

كانت وراء هذا الاعتقاد مؤشرات عدة منها تعزيز التيار الصدري موقعه في الدولة (البرلمان والحكومة)، وتأييده التظاهرات المطالبة بإصلاح النظام ومشاركته فيها، وانخراطه في الحملة لمكافحة الفساد المالي والإداري في جهاز الدولة .. أي أن التيار، حسب هذه المؤشرات، بدا خلال الدورة البرلمانية والحكومية الجديدة أقوى تأييداً للدولة وأكثر تعويلاً على دورها. ولهذا خمّنتُ بان قيادة التيار تتجه لاستكمال إجرائها الصائب بتجميد نشاطات جيش المهدي العسكرية بحله والإفادة منه في تقديم خدمات أوسع للمجتمع. ولاح لي أن اختيار مدينة الصدر للاستعراض والإعلان المفترض يهدف إلى إعطاء إشارة بان المنظمة الجديدة ستنطلق في نشاطها الاجتماعي من الأحياء والمدن المحرومة.
وفي إطار التخمين أيضاً ظننتُ أن الاستعراض سينتهي بانتشار الشباب المشاركين فيه في أزقة مدينة الصدر وشوارعها لتنظيفها ممّا يتكدس فيها من قمامة ونفايات وتخليصها مما يتراكم فيها من مياه آسنة، ليقدّم هؤلاء الشباب أمثولة لما يتعين أن يقوم به السكان من واجب المساهمة في نظافة أحيائهم، وليكشفوا لأمانة العاصمة ومجلس محافظة بغداد تقصيرهما الفاضح تجاه عاصمة البلاد على هذا الصعيد.
بيد أن استعراض جيش المهدي أعطى رسالة مختلفة عمّا كنتُ قد خمّنته، بل أن رسالته اختلفت أيضاً عما كان مقصوداً منها، فالشعارات التي رددتها كراديس المستعرضين تجاوزت كثيراً الهدف المعلن للاستعراض وهو الضغط من أجل عدم إبقاء قوات أميركية في البلاد بعد نهاية العام الحالي. كما أن ما ورد في الكلمة التي ألقاها السيد حازم الأعرجي في الاستعراض من أن عناصر جيش المهدي هم "قنابل موقوتة بيد الصدر والحوزة" أثار حفيظة الكثير من القوى السياسية والناس العاديين الذين قرأوا فيها رسالة تهديدية أعادت إلى الأذهان أجواء العنف الطائفي البغيض الذي اندلع منذ خمس سنوات وتسبب في مآسٍ ومحن لم يبرأ الشعب العراقي من آلامها بعد.
أكثر من هذا إن الاستعراض وشعاراته ستعطي دعماً ليس للمطالبة بسحب كل القوات الأميركية في الموعد المحدد، وإنما بالإبقاء عليها فترة أخرى. ففي ضوء ردود الفعل التي جرى الإفصاح عنها بخصوص الاستعراض، من المتوقع أن تتشجع عدة جهات إلى المطالبة بإبقاء قوات أميركية إلى ما بعد نهاية العام الحالي، وبذا يكون الاستعراض قد أدى إلى نتيجة تخالف ما قُصد منه.
يُضاف إلى هذا كله أن الساحة السياسية المُرهقة أصلاً بأسباب الخلاف والصراع بين قوى البرلمان والحكومة، ستُرهق بموضوع جديد يُعقّد المشهد السياسي، وهذا ما ستترتب عليه نتائج سلبية على الناس الذين ينتظرون الوئام والانسجام بين القوى الحاكمة للوفاء بالتزاماتها تجاه من انتخبها إلى مجلس النواب والى الحكومة.
ومثلما كان سكان مدينة الصدر يوم الاستعراض أحوج إلى الخدمات العامة التي تفتقدها مدينتهم وسائر ضواحي وأحياء العاصمة ومختلف مدن العراق، فان الشعب العراقي أحوج الآن ودائماً إلى القوانين التي يتعين أن يُشرّعها البرلمان والى الخطط التي يتوجب على الحكومة تنفيذها لتأمين الاحتياجات الكثيرة لشعب تُسحق عظامه وتتحطم روحه تحت وطأة الفساد المالي والإداري والصراعات المنفلتة من العقال بين من وضعتهم الأقدار النحسة للعراق في قمة المسؤولية عن مصيره.



العدد (2143) السبت 28/05/2011






 

 

 

free web counter