| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 28/9/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

مَن يُعدّل الدستور؟

عدنان حسين

انضمّ رئيس مجلس النواب إلى رئيس الوزراء وسواهما من المهيمنين على ساحة اللعبة السياسية في البلاد، في المطالبة بتعديل الدستور الذي أنزلت طبخته من النار منذ خمس سنوات قبل نضوجها، فأقرّ مع توصية بتعديله في غضون ثلاثة أشهر لعلاج تشوّهاته الكثيرة، وقد مرّت الآن ست سنوات بالتمام والكمال ولم يحدث أي تعديل.

رئيس البرلمان أسامة النجيفي اعتبر أمام مؤتمر الهيئات المستقلة الذي عقده مجلس النواب الأحد الماضي أن "هناك حاجة تاريخية" لتغيير بعض بنود الدستور، وان هذه الحاجة تعبر عن "إرادة شعبية عارمة علينا أن نصغي إليها وان نحترمها وان نبلغها مرادها بروح جماعية متآصرة ومتآزرة بعيداً عن مكاييل الفئة والطائفة والعِرق والحزب والكتلة والشخصانية".
قبله قال رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي الشهر الماضي إن الدستور كُتب ملغماً بألغام تفجّرت عنفاً طائفياً وقومياً في السنوات الماضية، وانه آن الأوان لتعديل هذا الدستور بما ينزع صواعق الألغام.
ما الذي يمنع تعديل الدستور؟
السيدان النجيفي والمالكي كانا، إلى جانب سائر السياسيين المهيمنين على الملعب السياسي، ممن حالوا دون تعديل الدستور، فهما من القيادات السياسية المتنفذة في البلاد منذ أول برلمان تشكّل وفقا للدستور الحالي، ويحتل كل منهما الآن موقعاً قيادياً في كتلتيهما اللتين تشكلان الأغلبية في البرلمان الحالي، وبوسعهما إن أرادا أن يفرضا التعديلات التي يريدان متى شاءا.
لأربع سنوات احتفظ مجلس النواب السابق بالتعديلات التي اقترحتها لجنة شكّلها ذلك المجلس وشملت 51 مادة، ولم يطرحها لا للنقاش العام ولا للتصويت داخل المجلس، والسبب أن الكتل السياسية المُمثلة في البرلمان لا ترغب في الواقع في تعديل الدستور الذي كُتب وفقا لصيغة غير ديمقراطية. وإذا ما أعيدت كتابة الدستور بصيغة ديمقراطية فهذه الكتل لا تضمن أن تحتفظ بنفوذها الحالي في البرلمان والحكومة، والذي تحقق ليس بحكم الدستور وإنما استناداً الى التوافقات والمحاصصات غير الدستورية.
والبرلمان الحالي لا يبدو هو الآخر جاداً في تعديل الدستور وفقا لصيغة ديمقراطية، فهو عهد أخيراً الى لجنة منه مؤلفة من 50 عضواً لإعادة النظر في الدستور، وليس من المتوقع أن تنجح هذه اللجنة في إنجاز مهمتها، فالقاعدة المجربة تقول انه اذا أردت ان تُفشِل عملا فاعهد به الى لجنة كبيرة أو عدة لجان، فضلاً عن ان المجلس الحالي بلجنته هذه التي روعيت فيها المحاصصات إنما يعيد إنتاج العملية التي فشل فيها البرلمان السابق.
لتعديل الدستور بصيغة سليمة يتعيّن أن يُعهد بالمهمة الى خبراء مستقلين في القانون الدستوري لكتابة نص يعبّر عن مضمون النظام الديمقراطي الذي توافق عليه الشعب، ثم يُطرح هذا النص على النقاش العام عبر وسائل الإعلام، ثم ينظر هؤلاء الخبراء في الآراء والمقترحات التي يمكن إدخالها قبل أن يرفعوا الى مجلس النواب الصيغة المقترحة.
بخلاف هذا يكون الأمر مضيعة للوقت، إذ سيعاد إنتاج الفشل السابق نفسه.
 


العدد (2261) الآربعاء 28/09/2011






 

 

 

free web counter