| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 28/12/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

خطأ المالكي الجسيم

عدنان حسين

لا يحرق السياسي الجسور بينه وبين خصومه أو منافسيه أو شركائه، ولا يدفع بالأمور إلى حافة الهاوية معهم إلا إذا كان قد اتخذ قراراً نهائيا بإعلان الحرب على هؤلاء الخصوم أو الأعداء أو المنافسين أو الشركاء، بعدما فكّر ملياً في العواقب المُحتملة للقرار وأعدّ العدة لمواجهة النتائج.

من المُفترض أن هذه القاعدة كانت في ذهن رئيس الوزراء نوري المالكي وهو يقرر أن يفتح الملف المؤجل منذ ثلاث سنوات الخاص بطارق الهاشمي وأن يهدّد بفتح ملفات أخرى موجودة تحت يديه تخص خصوماً أو منافسين أو شركاء آخرين، بحسب ما أوضح هو في مؤتمره الصحفي الأخير.
في السياسة، كما في الحرب، لا أحد يمكن أن يضمن لنفسه النتائج تماماً، وبالتالي فكل قرار ينطوي على قدر من المغامرة. فما الذي دفع بالمالكي الى تهديم الجسور مع الهاشمي، بما يمثله سياسياً وطائفياً، بعد ثلاث سنوات أو أكثر من التحمّل والى التلويح للآخرين بفتح ملفاتهم؟
لا بد من أن نستبعد أن المالكي فعل ما فعل لوقف عملية سفك دماء العراقيين التي يقف الهاشمي وراءها، كما جاء في تصريحات المالكي وبيانات مساعديه.. المالكي رئيس حكومة منتخب.. صوّت له الناس لكي يكون مشرعاً للقوانين في البرلمان ورقيباً على عمل الحكومة ومؤسساتها من أجل أن تقدم أفضل الخدمات للناس. ثم اختاره البرلمان ليكون رئيس الحكومة التي عُهد إليها تأمين احتياجات الناس وتوفير الأمن ولقمة العيش والحرية والكرامة لهم. ومن يُعهد اليه بهذه المهمات الجسيمة لا يُفترض أن يتهاون مع الذين يهدرون الدم ويزهقون الأرواح ويعكرون الأمن (المالكي قال انه صبر ثلاث سنوات على الهاشمي وجماعته علهم يتوقفون عن سفك الدماء، وانه يمسك الآن في يديه ملفات تخص مسؤولين كباراً آخرين، مهدداً اياهم بفتحها إن لم يوقفوا سفك الدم، كما قال).
الأرجح أن ما دفع بالمالكي إلى تهديم الجسور هو شعوره بالضيق الشديد من أن العد التنازلي لولايته الثانية قد بدأ من دون أن تحقق حكومته الثانية إنجازات تعزز من رصيده في الانتخابات المقبلة التي لم يتبق عليها سوى سنتين.
إذا صح هذا التحليل فان المالكي يكون قد وقع في خطأ جسيم، فليس صحيحاً ان "العراقية" أقلية لا تستطيع التأثير في عمل الحكومة وفي العملية السياسية اذا ما انسحبت منهما، كما قال احد مساعدي المالكي منذ يومين. "العراقية" تحولت الى ممثل لمكون أساسي ( السنّة)، وأي مواجهة مع هذا المكون هي بمثابة إعلان حرب طائفية جديدة ستكون عواقبها أكثر كارثية من حرب 2006 – 2007.
من المفهوم أن يضيق المالكي ذرعاً بموقف "العراقية" من حكومته، لكنه في الواقع ارتكب خطأ جسيماً بوقوفه ضد ربيع بغداد في شباط الماضي. فهو فوّت على نفسه فرصة ذهبية بتقوية موقفه تجاه الخصوم والمنافسين والشركاء.. تظاهرات 25 شباط وما تلاها رفعت شعارات: مكافحة الفساد ومعالجة مشكلة البطالة وتوفير الخدمات الأساسية وتحسين مفردات البطاقة التموينية وسواها من المطالب المشروعة التي اختار المالكي أن يواجه أصحابها بالقوة الغاشمة (حظر التجوال والهجوم على المتظاهرين بالأسلحة الحية) وبالتشهير (الزعم بأنهم بعثيون)، فيما كان يمكنه أن يتبنى مطالب الحركة ويستعين بها للضغط على "العراقية" وسواها لتخفيف موقفها "المشاغب" من حكومته، لكن الذي حدث انه بموقفه اكتسب عداء الحركة الشعبية، وأعطى للقائمين عليها انطباعاً بأنه لا يريد إعطاء الناس حقوقهم.
والآن حتى لو كسب المالكي معركته مع الهاشمي وسواه فلن يُحقق بهذا أي إنجاز لحكومته الثانية على غرار إنجاز الحكومة الأولى الوحيد: وقف الحرب الطائفية وفرض القانون جزئيا.
 


العدد (2346) الأربعاء 28/12/2011



 

 

free web counter