| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 27/4/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

دكّان النجيفي

عدنان حسين
 

هل طارت السكرة وجاءت الفكرة لدى رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ليدلي في مؤتمر منظمات المجتمع المدني بمثل هذا الاعتراف الصريح الذي يدين ضمنياً ما تمخضت عنه الانتخابات البرلمانية التي أجريت العام الماضي من نتائج؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه موسماً جديداً للمزايدات الكلامية المألوفة؟

والكلام الذي أدلى به السيد النجيفي في المؤتمر المنعقد في العاصمة بغداد أول من أمس لم نألف سماعه بهذه الصيغة من قادة الكتل والقوى السياسية المتنفذة في البرلمان والحكومة إلا في بعض المواسم التي تزدهر فيها عمليات تضليل الناس وخداعهم وكسب أصواتهم، كالانتخابات.
قال السيد النجيفي إن "بعض مسارات العملية السياسية، كالمحاصصة الطائفية التي أنجبت محاصصة حزبية، أدّت إلى تغييب غالبية الشعب لصالح الأنويات الحزبية والطائفية، التي دفعت بشخصيات فاسدة وضعيفة إلى مراكز صنع القرار والإدارة في بعض مفاصل الدولة".
والمثير في هذا الكلام انه صادر عن السيد النجيفي الذي هو، كما نعرف جميعاً، أحد أقطاب المحاصصة الطائفية والحزبية اللعينة التي جعلت عراق ما بعد صدام حسين يراوح في المكان عينه، حائلة دون أن يسارع الخطى للانتقال إلى النظام الديمقراطي الذي تريده غالبية الشعب المُغيّبة بموجب نظام المحاصصة، كما يعترف النجيفي.
بعد أربع سنوات عجاف أنجب خلالها نظام المحاصصة وليديه الشرعيين: الحرب الأهلية الطائفية والفساد الإداري والمالي، وَعَدَ الأقطاب السياسيون، والنجيفي أحدهم، بمغادرة نظام المحاصصة إلى نظام المواطنية الذي تتراجع فيه الأنويات الحزبية وتتقدم إلى الواجهة السياسية والإدارية ومراكز صنع القرار في الدولة الشخصيات الوطنية الكفء في مجالات اختصاصها وليس الأشخاص الفاسدين والضعفاء. فما الذي تحقق من ذلك الوعد الذي سمعه الشعب كله يتكرر على ألسنة قادة القوائم الرئيسة المتحكمة بالعملية السياسية: العراقية ودولة القانون والائتلاف الوطني؟
الذي تحقق أن القائمة العراقية التي بدأت وطنية علمانية تحوّلت الآن إلى تكتل انتخابي، وبرلماني لاحقاً، طائفي سني– بعثي، في مقابل التكتل البرلماني الطائفي الشيعي، التحالف الوطني (دولة القانون + الائتلاف الوطني) الذي بدأ قبل الانتخابات انه تفكّك لصالح تغليب الهوية المواطنية على الهوية الطائفية، بيد انه ما لبث أن تجمع على نفسه من جديد لمواجهة التكتل السني-البعثي. والنتيجة إن الاستقطاب الطائفي الحاد الذي أججته قيادات هذه الكتل مجتمعة في الشارع خلال السنوات الأربع السابقة على الانتخابات البرلمانية في العام الماضي، انتقل إلى قبة البرلمان والكواليس السياسية بعدما وجد هؤلاء الأقطاب أنهم خرجوا من حربهم الطائفية السياسية بصيغة لا غالب ولا مغلوب (الشعب العراقي كان المغلوب الوحيد)، فاشتدّ تكالبهم على المغانم (المناصب العليا وحتى الدنيا في الدولة). ولهذا وجدنا أن نفوذ الفاسدين والعناصر الضعيفة تضاعف مرات الآن في الإدارة ومراكز صنع القرار في كل مرافق الدولة من دون استثناء.
هل ذهبت سكرة السيد النجيفي وجاءت فكرته؟ هو في وسعه بالطبع أن يفعل الكثير، فرئيس السلطة التشريعية يستطيع أن يؤثّر في مجرى النقاش بمجلس النواب، وهو ربما أصبح الآن القطب الأكبر في القائمة العراقية، ومن هذا الموقع أيضاً في إمكانه أن يفعل الكثير، إن أراد، لكي تتبنى كتلته مشاريع القوانين التي تقلّم أظافر نظام المحاصصة تمهيداً لقلع هذه الأظافر تماماً، خصوصا إذا كان الآخرون في الكتلة المقابلة، التحالف الوطني، يعنون ما يقولون في خطبهم أمام المؤتمرات وفي تصريحاتهم الصحفية، من أن نظام المحاصصة يعرقل تنفيذ البرنامج الذي تبنته الحكومة التي يتولّون رئاستها وإدارة مناصب مهمة أخرى فيها.
بصراحة، الشعب الذي ملّ سماع الجعجعة ويريد أن يرى طحناً، لا يثق بكلام هؤلاء ولا بكلام النجيفي، فهم جميعاً لا يبدون لهذا الشعب، ونحن منه، سوى باعة جملة ومفرق لا توجد في دكاكينهم سوى بضاعة واحدة هي الكلام فحسب.


العدد (2113) الأربعاء 27/04/2011






 

 

 

free web counter