| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 27/3/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

ماذا يريد العراقيون من قمّة بغداد؟

عدنان حسين  

أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم جميعاً ضيوفنا العرب، رؤساءً وممثلي ملوك ووزراء .. نقولها لكم صادقة بالعربية الفصحى وبلهجات بلداننا العشرين ونيّف: حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً في عاصمتنا بغداد.

نرحب بكم أجمل ترحيب أيها الإخوة، برغم انكم خالفتم ما يقوله المثل العربي: "عند الشدائد تُعرف الإخوان"، فأنتم،عدا القلة القليلة منكم، لم تكونوا اخوة لنا في سني محنتنا الطويلة عندما كان الوحش الصدامي يفتك بنا فتكاً .. اتخذتم موقف النظارة في مسرح أو دار للعرض السينمائي، بل ان بعضكم صار عوناً للجلاد على ضحيته. وحتى عندما سقط الدكتاتور فإنكم تركتمونا فريسة لوحشين ضاريين أيضاً، الإرهاب السافل وطبقتنا السياسية الغارقة في طائفياتها وفسادها وصراعاتها السافرة على السلطة والنفوذ والمال، بل ان بعضاً مهماً منكم تناوب مع جيراننا الأعاجم على تقديم المال والرجال والسلاح والتدريب والمأوى وتسهيلات المرور للإرهابيين الذين لم يكفّوا حتى الآن عن تفجير السيارات المفخخة والأحزمة والعبوات الناسفة في أسواقنا ومستشفياتنا ومدارسنا وجوامعنا وكنائسنا ودوائرنا الحكومية، فقتلوا وجرحوا من أطفالنا وشيوخنا ونسائنا ورجالنا نصف مليون نسمة أو أكثر.
نحن شعب طيب، أيها الأخوة العرب، ومن علامات طيبتنا اننا نسامح من دون أن ننسى. والمهم بالنسبة لنا الآن أن تأخذوا العبرة مما مضى وتلتفتوا في أول قمة لكم في زمن الربيع العربي الى قضية الشعب السوري الشقيق .. لا تتركوه وحده يفتك به الوحش البعثي الكاسر.. كونوا اخواناً له في زمن شدته. إن تحقق هذا في قمتكم هذه فسيكون أعظم إنجاز لقمة بغداد وفي تاريخ القمة العربية برمته. وننتظر من قمتكم أيضاً ما نفهم منه، ولو ضمنياً، انكم نادمون على ما فعلتموه بنا سابقاً ولاحقاً، فهذا سيطمننا الى انكم ستكونون عوناً لنا في كفاحنا ضد الإرهاب .. عونكم في هذا المجال سيعيننا في كفاحنا ضد الفساد الذي يضرب مؤسسات دولتنا طولاً وعرضاً ويعوّق استردادنا العافية، ويعيننا أيضاً في كفاحنا من أجل هزيمة نظام المحاصصة والسير فى طريق الديمقراطية الذي نريد.
نرحب بكم أيها الأخوة العرب، وكنا نتمنى أن تُعقد قمتكم في ظروف أخرى .. ظروف تتيح لكم التمشي في شوارع بغداد التي كانت جميلة ودمرتها حروب صدام وأبقاها نظام المحاصصات الطائفية على حالها من الخراب.. كنا نريد أن نستقبلكم بالزهور والبخور وماء الورد في شارع الرشيد وشارع أبو نواس وكورنيش الاعظمية وكورنيش الكاظمية .. في ساحة التحرير وساحة الفردوس وسواها، لكن حكومتنا، ومن خلفها النظام السياسي الهجين الذي انبثقت عنه، تركت عاصمتنا كسيرة جريحة هرمة مهملة متروكة لمصيرها مع ان دخلنا من النفط وحده بلغ عتبة المئة مليار دولار سنوياً. كنا نرغب في أن تستقبلكم بغداد بذراعين مفتوحين وليس مكتوفين بحوائط الكونكريت التي تُخفي عن عيونكم مشاهد أكبر مزبلة وأتعس شعب في العالم.
نحن، ايها الأخوة العرب، شعب متعدد القوميات والأديان والمذاهب والعقائد السياسية والفكرية. من المهم ان تدركوا هذا، فبعضكم تصرّف في الماضي ويتصرف الآن كما لو ان ملاييننا الثلاثين كلها من طينة واحدة، وكان ذلك التصرف ولم يزل وبالاً علينا. لسنا جميعاً عرباً، فنحن كرد وتركمان وكلدان وآشوريون وأرمن أيضاً. ولسنا جميعاً مسلمين، فنحن مسيحيون وصابئة مندائيون وايزيدية ويهود أيضاً. وكما إننا لسنا جميعاً من قومية واحدة أو دين واحدة، فمتدينوننا ليسوا من مذهب واحد.. انهم شيعة وسنة وكاثوليك وأرثوذكس وبروتستانت، وسواهم. أما عقائدنا السياسية ومنابعنا الفكرية فلا تُعد ولا تُحصى، من اليمين الى اليسار وما بينهما. هذه اللوحة المتعددة بألوانها وأطيافها كقطعة موزاييك أو قوس قزح كانت على الدوام مصدر قوة لنا ولبلادنا التي انبثق فيها وتطور العديد من أعظم الحضارات في التاريخ. فليكفّ بعضكم عن السعي لنكون على شاكلته وصورته.
أهلاً بكم أيها العرب، واعذرونا لأنكم لم تجدوا بغداد كما كانت في أحلامكم وفي بطون الكتب التي قرأتموها، وهذا ليس ذنبنا وانما جناية نظام البعث في السابق ونظام المحاصصات حالياً. لكن تلفتوا حولكم وابحثوا عن صدام والقذافي ومبارك وبن علي وبن صالح وحتى بشار الأسد، لتتيقنوا من أن دوام الحال من المحال.
 

المدى
العدد (2436) الثلاثاء 27/3/2012



 

 

free web counter