| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 27/2/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

هؤلاء النواب لا لزوم لهم

عدنان حسين  

تحوّلت قضية السيارات المصفّحة التي طلبها أعضاء مجلس النواب لأنفسهم إلى قضية رأي عام، فالحديث الضاجّ بشأنها خرج من أروقة الإعلام والدواوين السياسية إلى الشارع بكل مقاهيه ومطاعمه ودكاكينه ووسائط نقله، بل انه انطلق في الأساس من بيوت السكن التي ضجّت بالشكوى من النواب الذين انتخبوا لغاية محددة لكنهم انقلبوا على ناخبيهم وراحوا منذ يومهم البرلماني الأول يعملون لمآربهم الشخصية.

ربما كانت هذه أكثر القضايا مبعثاً على التذمر والكراهية تجاه النواب، فالتنديد الشديد واسع النطاق الذي قوبل به قرار مجلس النواب بشراء 350 سيارة مصفحة لأعضائه وكبار موظفيه يعكس حدّة في الشعور بخيبة أمل الناس تجاه نوابهم المهووسين بتأمين امتيازاتهم المادية وأمنهم الشخصي تاركين ناخبيهم لمصيرهم في مواجهة التفجيرات وأعمال القتل المتصاعدة، والبطالة وشظف العيش في واحدة من أغنى دول العالم قاطبة، والنقص الفادح في الخدمات العامة الأساسية وبخاصة الكهرباء.
لا تتجاوز قيمة السيارات المصفّحة التي ستُشترى للنواب خمسين مليون دولار، وهو مبلغ يقل كثيراً عن قيمة واحدة من قضايا الفساد المتصلة باستيراد مواد غذائية تالفة أو عقد صفقة مع شركة وهمية لإنتاج الكهرباء وسوى ذلك، فهذه الصفقات والعقود المليارية لا تقل قيمة الرشاوى فيها عن مئات ملايين الدولارات. لكن حدوث المصادقة على قرار شراء السيارات المصفّحة في اليوم نفسه الذي شهد سلسلة واسعة من التفجيرات الإرهابية (الخميس الماضي) أظهر للناس ان نوابهم مقطوعي الصلة بهم تماماً. كان الناس قد سقطوا بالمئات قتلى وجرحى في الجحيم الإرهابي في عدة محافظات بينما ذهب النواب بكامل أناقتهم الى مبنى البرلمان الذي اتخذوا فيه قرار الشراء واضعين أرجلاً على أرجل وليضيفوا الى امتيازاتهم الكثيرة امتيازا جديداً وكأنهم لم يسمعوا بالمجزرة الرهيبة التي دارت بعض فصولها الدامية على مبعدة بضع مئات من الأمتار من مبناهم شديد التحصين والمعزول عن الناس وهمومهم واحتياجاتهم.
لماذا يحتاج النواب إلى هذه السيارات بينما هم في الغالب يمضون أيامهم في المنطقة الخضراء؟.. بعض النواب لم يذهب الى ناخبيه منذ أيام الحملة الانتخابية قبل سنتين، بل ان بعضهم لم يلتق الناخبين حتى في الحملات الانتخابية. واذا كان النواب سيجدون الحماية في السيارات المصفّحة فما حاجتهم لهذا العدد الكبير من السيارات المخصصة لهم وللعدد الأكبر من الحراس؟ هل سيستغني النواب عن عدد من هذه السيارات والحراس؟
في الدول الديمقراطية يعيش النواب في مناطق سكنهم، والناخبون وسائر سكان هذه المناطق يعرفون عناوين النواب وأرقام تلفوناتهم وعناوينهم الالكترونية و يلتقونهم متى أرادوا. أما نوابنا ففي الغالب لا يبرحون المنطقة الخضراء الا الى المطار فالدول الأخرى .. للراحة والاستجمام والتسوق، أما الذين يزورون مناطقهم فلحضور الولائم على الأرجح.
بعض الحانقين تمنى للنواب بدل السيارات المصفحة سيارات مفخخة كالتي تفجرت يوم الخميس الماضي. لا أتمنى الشيء نفسه لكنني أظن ان النواب لا يحتاجون الى السيارات المصفحة ولا هذه الحشود من السيارات المرافقة والحراس .. انهم يحتاجون الى أن يُحبهم ناخبوهم لكي يكونوا دروعاً مصفّحة لهم.
وإن أردتم الحق فان الناخبين ليسوا في حاجة إلى هؤلاء النواب من الأساس.
 

المدى
العدد (2407) الأثنين 27/2/2012



 

 

free web counter