| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 27/12/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

كلام غير مفيد

عدنان حسين

كمن يكتفي بالقول إن الإمام الحسين بن علي مات في واقعة الطفّ من دون الإشارة إلى انه استشهد بضربة سيف من أحد القادة العسكريين لدولة يزيد بن معاوية، تضمّنت بيانات وتصريحات لقوى وشخصيات سياسية كلاماً عمومياً عن البيئة المناسبة للإرهاب التي توفرها النوبات المتواترة للصراع بين ائتلافي دولة القانون والعراقية، مع مناشدات بعقلنة هذا الصراع وتهدئة المواقف وحلّ الخلافات تلافياً لحدوث المزيد من الخروقات الأمنية.

كلام من هذا النوع لا معنى له ولا قيمة، لأنه لا يداوي جرحاً ولا يعالج علّة، بل انه يصبّ في مصلحة الأطراف المسؤولة عن الأوضاع المأساوية التي نحن فيها الآن، فهو كلام يموّه ويتستر على الحقيقة ويتواطأ ضمنياً مع الفاعلين الذين يتعيّن الكشف عنهم وفضحهم، بكل بساطة لأنهم والغون في الحرام.. سفك دماء الأبرياء.
والكلام العمومي من هذا النوع يعطي الانطباع بان الإرهابيين هم مجموعات تجلس متربّصة في مكان ما أو عدة أمكنة، حتى إذا تصارخ السياسيون و"تكافشوا" خرج المتربصون من مكامنهم ليفجّروا المفخخات واللاصقات والأحزمة الناسفة. الواقع هو شيء آخر تفضحه حقيقة انه كلّما تفاقم الخلاف واشتد الصراع على السلطة والنفوذ والمال بين الكتل والائتلافات المتنفذة في الحكومة والبرلمان، تفجّرت السيارات في الأسواق والشوارع والساحات والمدارس والمستشفيات والمؤسسات الحكومية. أي أن الذين يرتّبون عمليات التفجير، تخطيطاً وتمويلاًً وتنفيذاً، هم المتصارعون أنفسهم على السلطة والنفوذ والمال والذين يتسابقون للظهور على شاشات الفضائيات للتنديد بالإرهاب الذي هو صناعتهم وبالإرهابيين الذين هم على صلة وثيقة بهم ويأتمرون بأوامرهم ويستفيدون من تسهيلاتهم.
في السابق كان يُقال إن قوات الاحتلال الأميركي هي التي تُدير هذه العمليات، أو أنها من صنع "القاعدة" وفلول النظام السابق، لكنّ الأميركيين صاروا خلف الحدود ولم يعد لهم أي وجود في البلاد، و"القاعدة" وفلول النظام السابق تراجعت أعدادهم وتقلّص نفوذهم بنسبة كبيرة بحسب ما تؤكد بيانات الأجهزة الأمنية وتصريحات المسؤولين عنها، في مقابل اشتداد قدرة القوات الأمنية طبقاً لمسؤولي الحكومة والناطقين باسمها.
حقيقة الأعمال الإرهابية، أو الخروقات الأمنية، كما صارت واضحة وجلية للجميع، إن القوى المتنفذة في الحكومة والبرلمان تعمل على تصفية حساباتها في ما بينها بهذه الطريقة الدموية من دون اعتبار للثمن الباهظ الذي يدفعه الناس العاديون من حياتهم وأمنهم وحريتهم على مذبح التصفيات بين هذه القوى المتصارعة.
وعلى هذا فان الكلام المفيد المُنتظر من القوى والمنظمات والشخصيات الوطنية هو الذي يُحمّل صراحة القوى المتصارعة على السلطة والنفوذ والمال المسؤولية الكاملة المباشرة عن استمرار أعمال الإرهاب واستمرار تفاقم الفساد المالي والإٍداري واستمرار المعاناة اليومية، الأمنية والمعيشية، للناس في كل أرجاء البلاد.
الكلام المفيد أن يرتفع الصوت عالياً في وجه هذه القوى من أجل وضع حد لاستهتارها بحياة الناس وحقوقهم ومصالحهم.
 


العدد (2345) الثلاثاء 27/12/2011



 

 

free web counter