| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 27/10/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الضواري تتحفز .. لما بعد الانسحاب!

عدنان حسين

لم يعد يفصلنا عن موعد الانسحاب الأميركي الكامل من البلاد سوى شهرين. والملاحظ ان قصر المدة بدأ يُغري القوى المتنفذة في السلطة (أطراف حكومة وبرلمان المحاصصة) على تصعيد صراعاتها الضارية على السلطة والنفوذ (والمال ايضاً)، فالكل يستعرض الآن عضلاته ويهيئ نفسه لأن يكون أكبر مستحوذ على مصادر القوة والطغيان بعد نهاية العام الحالي.

الانسحاب استحقاق وطني كبير، وقد استغرق الأمر عدة أشهر والكثير من المساومات والمناكفات لكي يتفق الأخوة الأعداء في حكومة وبرلمان المحاصصة على الإعلان عن عدم الحاجة الى بقاء أية قوات أميركية بعد الحادي والثلاثين من كانون الأول المقبل. ولو كان ذلك الإعلان نابعاً من قناعة حقيقية وموقف صادق لكل الأطراف التي شاركت فيه لاتفقت هذه الأطراف على برنامج وطني متكامل وواضح لمرحلة ما بعد الانسحاب كي تهتم خصوصاً بكيفية مواجهة الأخطار الأمنية الداخلية والخارجية ودور كل من هذه الاطراف فيها.
لكن لأن الموقف الحقيقي لأغلب هذه الأطراف هو ليس الذي أُعلن عنه، فان الاخوة الاعداء لم يتفقوا الا على الاعلان عن عدم الحاجة الى قوات أميركية أو الى قوات بديلة تساعد القوات الوطنية في درء الأخطار المحتملة، وهي أخطار واقعية بمثل واقعية ان أطرافاً محلية تتطلع الى استثمار الفراغ الذي سيحصل لتثبيت قوتها، وبمثل واقعية ان معظم الجيران يرغب في ان تكون له اليد الطولى في عراق ضعيف.
لم تتحلّ الأطراف السياسية المتنفذة في الحكومة والبرلمان بالشعور الكامل بالمسؤولية الوطنية، وبالقلق حيال الاخطار المحدقة بالبلاد. ولو كانت هذه الأطراف كذلك لعملت على استثمار الوجود الاميركي من أجل الضغط على القوى الخارجية التي تهدد الأمن الوطني( الجيران) لأخذ التزامات محددة منها بعدم تهديد أمن العراق، وبالقيام بواجباتها في حفظ الحدود المشتركة.
لكن القوى المتنفذة في الحكومة والبرلمان تصرّفت على نحو من عدم الاكتراث بمصير الوطن، وهو موقف يعكس مواقف هذه الاطراف من مصير الشعب، فهذه القوى منصرفة كلية الى تحقيق مطامعها الشخصية والحزبية على حساب حاجات الشعب. وهذا ما يفسر بقاء المشاكل التي يعاني منها الناس منذ سنوات وتفاقم المظاهر السلبية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
الجَلَبة المتعالية هذه الأيام مع اقتراب موعد الانسحاب الأميركي الكامل تزيد من القلق العام مما يمكن أن تفعله هذه القوى بعد الانسحاب، فكل منها قد يفكر بأنه أصبح طليقاً من القيود المفروضة سابقاً، وهذا ما يحمل معه مخاطر صراعات يُمكن أن تنفلت ويتطوّر طابعها السياسي لتصبح صراعات مسلحة لن تتوقف الا وقد أصبح العراق خراباً عميماً ودويلات وإمارات متشظية.
 


العدد (2290) الخميس 27/10/2011






 

 

 

free web counter