| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء  26 / 8 / 2014                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

إهانة قيادة البعث

عدنان حسين           

إذا صحّ الأمر، بالتأكيد يكون عزة إبراهيم الدوري قد أخطأ في العنوان، فرسالة التفاهم التي أطلقها منذ أيام باسم قيادة حزب البعث حملت عنواني البيت الأبيض في واشنطن دي سي وقصر سعد آباد في طهران، والحال أن الرسالة ما كان يتعيّن توجيهها إلا إلى كل العناوين المسجلة وغير المسجلة لدى دائرة البريد العراقية في بغداد والبصرة والموصل وأربيل وسائر مدن البلاد وبلداتها وقراها.

قيادة البعث برئاسة نائب صدام حسين وخليفته في زعامة الحزب عرضت في رسالتها إلى الرئیس الأميركي باراك اوباما ونظيره الإیراني حسن روحاني التفاوض معها "للتعاون" من أجل تأمين خلاص العراق مما "یمر به الیوم من صراعات ونزاعات" و"اعادة الاستقرار" اليه و"تجنب تقسيمه".

الرسالة تنطوي في الواقع على إهانة سافرة للشعب العراقي، فهي ترفع من شأن الولايات المتحدة وإيران الى مستوى المرجعية في الشؤون العراقية، فتقترح على واشنطن وطهران "بدء صفحة جدیدة في العلاقات" و"العودة من جدید إلى طاولة المفاوضات وإعادة الأمور إلى نصابها".. عودة الأمور الى نصابها بالنسبة للدوري وقيادة حزبه تعني إعادتهما الى السلطة، وفي المقابل تبدي الرسالة الاستعداد لأن "نتجاوز جراحاتنا وآلامنا التي تسببتم بها طیلة العقد الماضي".

قيادة البعث إذن تتوسل واشنطن وطهران الاتفاق من وراء ظهر الشعب العراقي وإعادتها الى السلطة، مطمئنةً إياهما الى ان المصالح الأميركية والإيرانية ستكون مضمونة.. لكن ماذا عن العراقيين ومصالحهم؟

قيادة البعث تُخطيء العنوان في الواقع.. فمن باب أولى كان على هذه القيادة أن تتوجه برسالة الى الشعب العراقي تتوسله الصفح عنها... كان يتعيّن أن تراجع قيادة البعث بموضوعية تجربة حكمها الطويل العابث والمغامر للعراق.. أن تعترف بالأخطاء والخطايا التي ارتكبتها تحت حكم صدام وعزة الدوري. فالدماء التي سالت أنهاراً دافقة على مدى ذلك العهد لم تكن ماءً، وأرواح مئات الآلاف التي أزهقت في الحروب العدوانية وأعمال القمع والتعذيب الوحشي في السجون والمعتقلات وفي عمليات الأنفال والمقابر الجماعية، كانت لبشر عراقيين، بينهم الآلاف من البعثيين أنفسهم، وليست لحشرات ناقلة للأمراض المعدية... قيادة البعث ليست مسؤولة عن ذلك وحده.. انها تتحمل ايضاً المسؤولية عما جرى للعراق والعراقيين منذ 2003 حتى الآن، فهذا كان نتيجة لما جرى منذ 1968 أو في الأقل منذ 1979... بطريقة حكم غير الطريقة التي اتبعتها قيادة صدام – الدوري كان ينتظر العراق مصيرٌ آخر، مختلف تماماً.. كان العراق الآن سيسابق النمور الآسيوية في التحضر والرفاه والاستقرار، وربما كان سيتقدم عليها.

في سعي قيادة البعث للتفاهم مع الولايات المتحدة وإيران إهانة للشعب العراقي وتجاوز على حقه في أن يقرر مصيره بنفسه، وفي عدم مراجعة هذه القيادة لتجربتها وتقديم الاعتذار عن أخطائها وخطاياها إهانة مضاعفة وتجاوز على حقه في أن ينعم، بعد طول معاناة، بنظام حكم ديمقراطي لا يؤمن به البعث ولا قوى الإسلام السياسي الحاكمة الآن.


المدى
العدد (3156) 26/8/2014

 

 

free web counter