| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 26/4/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

وزارة علاوي الحلة!

عدنان حسين
 

على بعد مرمى حجر فقط من منطقة علاوي الحلة في بغداد يقع مبنى وزارة الثقافة. وعلاوي الحلة هي أنموذج للمناطق المزدحمة بكل شيء ولسوء التنظيم والترتيب، حتى صارت مضرباً للمثل في هذا الخصوص. وعدا عن طراز العمارة المُوحش والمُكرب، البائس والمؤسي من الخارج، فان مبنى وزارة الثقافة من الداخل يشبه علاوي الحلة في سوء التنظيم والترتيب.

على الدوام تجد أروقة المبنى مزدحمة بالناس الذين لا تعرف من منهم الموظفون ومن منهم الزوار أو المراجعون. ويمتد الزحام الى أبواب غرف الموظفين، بل الى داخل الغرف ذاتها، وفوق هذا الحشد ترتفع غمامة ضجيج تعطيك الانطباع بانك لم تزل خارج المبنى في منطقة العلاوي. وإذ تسعى لاستجلاء حقيقة الأمر يقال لك: انهم موظفو وزارة الإعلام في العهد السابق ورثتهم وزارة الثقافة رغماً عنها.
لدى الوزارة إذن فيض هائل من الموظفين الزائدين عن الحاجة الذين تستنزف رواتبهم موازنتها فلا يبقى منها الا القليل للإنفاق على ما يُفترض ان الوزارة أُنشئت له، وهو الإبداع الفكري والأدبي والفني والنشاطات التي تجسده. ويصل العجز في موازنة الوزارة الى حدّ لا تجد ما يمكّن العراق من المشاركة، على سبيل المثال، في واحد من أهم النشاطات الفنية في العالم، وهي الدورة الرابعة والخمسين لمعرض (لا بينالي دي فينيسيا) في إيطاليا، الذي يقام كل سنتين ويشارك فيه المئات من أهم فناني التشكيل والمسرح والسينما في العالم كله ويزوره مئات الآلاف من مُتذوقي الفن من مختلف أرجاء العالم أيضا.
ضيق ذات اليد لدى وزارة الثقافة أضطر ستة من الفنانين العراقيين الى توسل المساعدات من رجال أعمال وصندوق دعم الثقافة العربية في بيروت لتأمين مبلغ 300 ألف دولار أميركي لإقامة الجناح العراقي الذي غاب عن هذه الفعالية المرموقة عشرين سنة. وسيركز الفنانون الستة في هذا المعرض على مشكلة المياه في العراق، كما صرح أخيراً الفنان التشكيلي المعروف علي عساف المقيم في ايطاليا منذ ثلاثة عقود.
ولكن، للإنصاف، ليس التضخم الوظيفي في وزارة الثقافة هو السبب الوحيد في العجز عن تمويل نشاطات ثقافية في مستوى (لا بينالي دي فينيسيا)، فهناك أيضاً الفساد المالي والإداري المقيم في كل وزارات الدولة ودوائرها، ووزارة الثقافة ليست استثناء بطبيعة الحال. ولا يقتصر هذا الفساد على العمولات والرشاوى المترتبة على الصفقات والعقود، فثمة منافذ ومسارب أخرى له. وفي وزارة الثقافة على سبيل المثال كلفت وليمة أقامها أحد مسؤوليها نحو عشرة آلاف دولار. وفي الوزارة نفسها وعندما أُبلغ وزير سابق بوجود متبق من موازنة الوزارة في آخر إحدى السنوات أمر ذلك الوزير بإنفاق الفائض على بعض المسؤولين والموظفين كمكافآت بدلا من إعادة هذا المتبقي الى وزارة المالية، ولم يخطر في بال الوزير، المعين وفقاً لمواصفات ومعايير المحاصصة، أن ينفق المتبقي على نشاط ثقافي في الداخل او في الخارج، أو أن يقدمه مساعدة لهيئة ثقافية كاتحاد الأدباء أو الفرق الفنية.
بعض الأصدقاء يقول ان الوزير الجديد، سعدون الدليمي، شخص جيد، فلننتظر انقضاء فترة المئة يوم لنرى إن كان السيد الدليمي سينأى بالوزارة عن صورة منطقتها علاوي الحلة، فيجعلها وزارة للثقافة اسماً على مسمى.




العدد (2112) الثلاثاء 26/04/2011






 

 

 

free web counter