| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 26/2/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

نريد العنب لا قتل الناطور

عدنان حسين  

علينا أن نحسد وزارة الداخلية بكل قوة لقدرتها الهائلة على تكرار الأسطوانة المشخوطة نفسها من دون كلل أو ملل أو سأم أو ضجر، فالمرء يحتاج إلى أعصاب من فولاذ لكي يتحمل ما تُطلقه الوزارة من تبريرات ووعود بعد كل سلسلة رهيبة من عمليات التفجير الإرهابية.

في كل مرة يُستباح أمننا تسارع الوزارة إلى الإعلان عن أنها ضبطت وفكّكت من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة أكثر من تلك التي انفجرت للتو، وإنها قبضت أو في سبيلها إلى القبض على الكثير ممن لهم علاقة بالتفجيرات. لكن لماذا لا تضبط الوزارة هذه المفخخات قبل حدوث التفجيرات ولماذا لا تقبض على الإرهابيين قبل أن يقتلوا الناس ويدمروا الممتلكات، فعلم ذلك عند الله والراسخين في العلم!
أمس قالت وزارة الداخلية إنها تمتلك "معلومات مهمة" بشأن منفذي تفجيرات الخميس، وان أجهزتها الأمنية "عاملة بكل مستوياتها لغرض إلقاء القبض" عليهم.
بل إن المتحدث باسم الوزارة ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول إن "ما تم تفكيكه من عجلات مفخخة وعبوات ناسفة ولاصقة في يوم الخميس الماضي، يفوق أو يوازي على الأقل ما تمّ تفجيره من قبل الإرهابيين".
أكثر من هذا إن المتحدث أكد أن القمة العربية المُقرر عقدها بعد شهر من الآن "لن تتأثر بهذه التفجيرات وستشاهدون الإجراءات والترتيبات الجديدة"! (لماذا تقتصر هذه الإجراءات والترتيبات على القمة ولا تشمل العراقيين جميعاً في شتى مدنهم ومناطقهم؟).
ما لا تدركه وزارة الداخلية إن العراقيين الذين صبروا وتصابروا طويلاً على محنتهم في سياسييهم وفي مسؤولي أجهزتهم الحكومية، وبخاصة الأمنية، لا يهمهم إن قُتل الناطور أو تُرك حياً، فما يريدونه هو العنب الذي هو الأمن والسلام والاستقرار والتنمية، وهذا كله لا يتحقق بكلام التبجّح والمبالغة والتلفيق، فعلى مدى سنوات ظل المسؤولون في وزارة الداخلية وأختها وزارة الدفاع يعيدون على مسامعنا أنهم اعتقلوا كذا عدد من الإرهابيين وافشلوا كذا عدد من محاولات التفجير والقتل، لكنهم لا يقدمون تفسيراً مقنعاً عن مواصلة الإرهابيين أعمالهم بوتيرة إن تراجعت في شهر قفزت إلى ذروة عالية في الشهر التالي.
وزارة الداخلية وكذا وزارة الدفاع لا تعترفان بان ذلك راجع إلى خلل كبير في بنية العملية السياسية أولاً وفي بنية النظام الأمني بالنتيجة.
منذ أيام أعلن مصدر أمني عن اعتقال مدير استخبارات وكالة المعلومات في وزارة الداخلية بتهمة تسريب معلومات تتعلق بقضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، ومن حين إلى حين تصدر إعلانات من هذا النوع تتعلق بضباط كبار في الداخلية والدفاع. والسؤال كيف يحدث مثل هذا بينما الدستور ينص على بناء القوات المسلحة وأجهزة الأمن والاستخبارات على أسس وطنية ومهنية؟
الجواب إن معظم التعيينات في وزارات الداخلية والدفاع والأمن الوطني جرت على أسس المحاصصة التي أتاحت لضباط النظام السابق وعناصر الأحزاب والميليشيات (ضباط الدمج) اختراق النظام الأمني على النحو الذي جعل من بعض أجهزة الأمن والدفاع مراتع للإرهاب ومن بعض عناصرها أعواناً للإرهابيين. وهذا مما لا تعترف به وزارة الداخلية التي تتحدث بياناتها وإعلاناتها دائماً عن الناطور وليس عن العنب الذي نريد.
 

المدى
العدد (2406) الأحد 26/2/2012



 

 

free web counter