| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 26/5/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الرئيس النجيفي وسوق النفايات

عدنان حسين

بدا لي رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، وأنا أقرأ آخر تصريحاته، كما لو انه رحّالة قادم من وراء سبعة بحور أو مخلوق فضائي نازل من أحد الكواكب، فهو إذ يقول كلمة حق باعترافه بان العراق "تحول الى سوق لنفايات العالم" يمتنع عن ذكر الأسباب والجهات المسؤولة، وهو شخصياً أحدها.

لمن لا يعرفه، لا يُعطي السيد النجيفي في هذا التصريح الانطباع بأنه رئيس البرلمان العراقي، أو حتى مواطن عراقي عادي يعرف بالضبط كيف تحوّلت بلاده إلى مكب للنفايات ومن المسؤول عن هذا. ففي كلمة خلال مؤتمر الشراكة الاقتصادية الذي عقد أول من أمس في مبنى البرلمان قال السيد النجيفي إن "الشعب العراقي دفع خلال السنوات الثماني الماضية الكثير من التضحيات على مذبح التجارة الرديئة"، واتهم بعض المصنّعين والمصدّرين والمستوردين بعدم التزامهم بأي رادع أخلاقي أو ديني وعدم ترددهم "في أن يمارسوا حرباً ضد شعبنا من خلال توريد البضائع الفاسدة والسلع الخادعة التي تُصنّع بالاتفاق النفعي بين المستورد العراقي والمصدّر الأجنبي"، واصفاً هذه السلع بأنها "رديئة أو مضرة أو قاتلة".
ما قاله السيد النجيفي ليس فيه جديد، فالإعلام العراقي حفل خلال السنوات الماضية بتفاصيل دقيقة عن التجارة الرديئة التي أصبح العراق سوقاً كبيرة لها، والكثير من منظمات المجتمع المدني رفعت صوتها عالياً في هذا الشأن، بل أن عدداً غير قليل من المسؤولين في الدولة، بينهم أعضاء سابقون أو حاليون في البرلمان، لم يترددوا في التنبيه والتحذير، ولكن "لا حياة لمن تنادي".
السلع الرديئة والمضرة والقاتلة ما كان يمكن أن تدخل إلى البلاد من دون صفقات فاسدة أحد أطرافها الرئيسة الفاسدون مالياً وإدارياً في جهاز الدولة، وهؤلاء الفاسدون ليسوا مجرد فراشين او كتبة في هذا الجهاز، وإنما هم وزراء ومدراء ورؤساء مؤسسات وأقسام يتعاملون في هذه التجارة الفاسدة مباشرة أو عبر أقارب ومحازبين لهم.
وهذه التجارة الفاسدة وظاهرة الفساد المالي والإداري في جهاز الدولة ما كان لهما أن يزدهرا لو لم تزدهر الطائفية والمحاصصة في حياتنا السياسية، بل انهما تتحولان الآن الى دستور البلاد غير المكتوب الذي يحلّ محل الدستور الذي صوّت عليه الشعب قبل أكثر من خمس سنوات. السيد النجيفي، لا يمكنك أن تنأى بنفسك عن حقيقة انك أحد أقطاب الطائفية السياسية والمحاصصة في البلاد، وبالتالي فأنت أحد المسؤولين عن تفشي الفساد المالي والإداري في دولتنا وعن ازدهار التجارة الفاسدة التي تحدثت عنها في كلمتك، وتحوّل العراق إلى سوق لنفايات العالم، فأنت أحد الزعماء المؤثرين في ائتلاف "القائمة العراقية" التي كانت على الدوام شريكاً في التشكيلات الحكومية التي لم تفعل شيئا لوقف إغراق أسواقنا بنفايات العالم، وأنت عضو مجلس النواب منذ البداية، والآن رئيسه، وكنت أحد المساهمين في تكريس الطائفية السياسية والمحاصصة في الحكومة الحالية والحكومات السابقة، وكنت أحد الداعمين الرئيسين لأحدث صفقة سياسية فاسدة، وهي التي رفعت عدد نواب رئيس الجمهورية إلى ثلاثة في تحدٍّ صارخ لإرادة الشعب الذي يطالب بالترشيق والتقشف وبالخلاص من الطائفية السياسية والمحاصصة.
السيد رئيس مجلس النواب: إنقاذ بلادنا وأسواقها من النفايات يتطلب إجراءات حازمة وحاسمة من السلطة التشريعية التي أنت رئيسها ومن السلطة التنفيذية التي لقائمتك حصة كبيرة فيها لتنظيف الحياة السياسية من نفاياتها، بمكافحة الفساد المالي والإداري في جهاز الدولة، وهذا لن يكون ما لم يُوضع حدّ لنظام الطائفية السياسية والمحاصصة المعتمد في إدارة البلاد، وهذا بدوره يتطلب إجراء التعديلات التي لم يُنجزها البرلمان السابق في مواد الدستور، وتشريع قانون للأحزاب وقانون جديد للانتخابات بعدما حكمت المحكمة الاتحادية بعدم دستورية القانون الذي أجريت بموجبه انتخابات العام الماضي.. فماذا أنت فاعل، أيها الرئيس، وماذا قائمتك فاعلة على هذا الصعيد؟


العدد (2141) الخميس 26/05/2011






 

 

 

free web counter