| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 26/10/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الزي الموحد وربطات العنق

عدنان حسين

في الحوار الذي نظّمته "المدى" السبت الماضي مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي قدّم السيد علي الأديب رؤية لمستقبل التعليم العالي في بلدنا مزدانة بالألوان البهيجة، فهو مثلا شدّد على توفير أجواء الحرية في الحرم الجامعي بعيداً عن كل ما ليس له علاقة بالعلم والبحث والتعليم: لا حزبية ولا تسييس ولا إملاء ولا تلقين.

لكننا على أرض الواقع نرى شيئاً آخر. فجامعاتنا يُراد لها أن تكون في حال أسوأ مما كانت عليه في عهد النظام السابق، إذ أن فرض زي موحد ونمط معين من اللباس على الطلبة الجامعيين لم تألفه حتى البلدان التي شهدت أنظمة مُغرقة في شموليتها، ومنها النظام المنهار الذي حاول في فترة ما فرض الزي الموحد في الجامعات ثم تراجع.
كل الذين يلتحقون بالجامعات هم ممن بلغوا سن الثامنة عشرة في الأقل. وهذا العمر مُعترف به في بلادنا وسائر بلدان العالم بأنه "عمر العقل"، فمن يبلغه يحق له مثلاً أن ينتخب أعضاء مجلس النواب، أعلى سلطة في الدولة، وأعضاء المجالس المحلية (المحافظات والأقضية والنواحي)، وأن يتزوج ويكوّن عائلة وينجب أطفالاً وأن يلتحق بالوظائف العامة (في الواقع يقل العمر المطلوب للزواج والوظيفة العامة عن 18 سنة). أفلا يحق لكائن بهذه المواصفات أن يختار بنفسه ملابسه مثلما يحق له اختيار زوجته وإنجاب الأطفال وانتخاب أعضاء السلطة التشريعية الوطنية والمحلية؟ بأي حق يُعامل الطالب الجامعي كما لو كان طفلاً قاصراً من تلاميذ رياض الأطفال والمدارس الابتدائية فيُملى عليه شكل ولون الثياب التي يلبسها؟
ما تقوم وزارة التعليم العالي والجامعات والمعاهد على هذا الصعيد هو نوع من التعدّي، بل إهانة سافرة، لمئات الآلاف من المواطنين المتمتعين بالأهلية الكاملة للمواطنة.
بدلاً من الانخراط في فرض اللباس الذي يتعيّن أن يرتديه الطلبة الجامعيون، الأجدى أن تنصرف الوزارة ورئاسات الجامعات وعمادات الكليات إلى الاهتمام بالمناهج وبالمستوى العلمي للأساتذة والمدرسين الجامعيين والطلبة أنفسهم، فجامعاتنا تعاني معاناة رهيبة على هذا الصعيد، ما جعلها في أسفل قائمة الجامعات المُعترف دوليا بشهاداتها، والأهم من الاعتراف الدولي أن خريجي جامعاتنا على مدى العقدين الماضيين، بأغلبيتهم الساحقة، ليسوا في مستوى يؤهلهم لخدمة المجتمع بالصورة اللازمة.
إجراءات فرض زي موحد أو لباس معين على الطلبة يتناقض مع مبادئ الدستور وأحكامه التي تؤكد على صون الحريات الشخصية، والملبس جزء من الحرية الشخصية. وإذا لم تصدقوا فاسألوا وزير التعليم العالي ومعه رئيس الوزراء وسائر الوزراء والنواب من قادة وأعضاء الأحزاب الإسلامية.. اسألوهم: لماذا كانوا قبل 9 نيسان 2003، وبعده بقليل، يمتنعون عن لبس أربطة العنق (كانوا يستحرمونها في الواقع) ثم صاروا الآن يبزّوننا نحن العلمانيين في انتقاء الربطات الأنيقة المزركشة المصنوعة من القطن، والحرير أيضاً... أليست هي الحرية الشخصية التي كفلها لهم الدستور؟
 


العدد (2289) الأربعاء 26/10/2011






 

 

 

free web counter