| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 25/2/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

من فجّر العراق يوم الخميس؟

عدنان حسين  

ما حدث يوم الخميس الأخير في 19 منطقة من مناطق البلاد المختلفة ليس مجرد "خروقات أمنية"، بحسب التعبير المعتاد لمسؤولي الأجهزة الأمنية الكبار الساعين دائماً إلى التهوين من شأن التفجيرات الإرهابية لتفادي التبعات التي يُفترض أن يتحملوها هم وكبار السياسيين باعتبارهم مسؤولين مسؤولية كاملة عن أمن البلاد واستقرارها.

ما حدث يوم الخميس مجزرة كبيرة أخرى أُزهِقت فيها العشرات من الأرواح البريئة فترمّلت زوجات وتيتّم بنون وبنات وفُجعت أمهات وآباء وأخوات وأخوة وأحبة غيرهم وزملاء وأصدقاء، وتقطّعت أوصال مئات آخرين أو اخترقتهم الشظايا الحامية، وأُلحقوا بجيش المعوّقين والجرحى الذين بعد أسبوع او أسبوعين ستنساهم الدولة ويتغافل عنهم مسؤولوها المنصرفون الى صراعاتهم والمشغولون بمؤامراتهم من أجل المال والسلطة والنفوذ.
ما حدث الخميس هو الآخر اختراق أمني وسياسي من العيار الثقيل الذي لو حدث ما يعادل ربعه أو أقل في بلاد أخرى لاستقال خمسة أو ستة من كبار جنرالات الداخلية والدفاع والاستخبارات، بل الحكومة كلها. وهو يُقدم دليلاً على أن النخبة الحاكمة على اختلاف كتلها وائتلافاتها، وبخاصة التحالف الوطني وائتلاف العراقية وائتلاف الكردستانية، غير جديرة بإدارة البلاد . إنها مُنتجة مشاكل وأزمات وليس بوسعها أن تكون مُنتجة حلول. ولو كان لدى أفراد هذه النخبة أدنى حد من الغيرة الوطنية لقدّموا استقالاتهم الى الشعب الذي وضع ثقته فيهم وانتدبهم الى البرلمان لتغيير أحواله البائسة وتحسين ظروف حياته الصعبة، فخيبوا آماله ودمّروا روح الأمل فيه، بسبب أنانيتهم وجشعهم وطمعهم ورعونتهم وجهلهم.
من الصعب جداً أن نتقبل إعلانات المراجع الأمنية والسياسية (الحاكمة) بأن الذي حدث يوم الخميس يقف خلفه تنظيم القاعدة أو فلول النظام السابق، فهذه المراجع هي من أعلن وكرر الإعلان الأسابيع الأخيرة بأن تنظيم القاعدة انهزم شرّ هزيمة وأخذ ينقل عناصره إلى سوريا، وأن فلول النظام السابق أصبحت شذر مذر بعد الاعتقالات الأخيرة وانصراف النظام السوري مصدر دعمهم الرئيس إلى الدفاع عن نفسه ضد انتفاضة الشعب السوري.
وما حدث الخميس لا بد أن يكون من تدبير تنظيم كبير للغاية يعمل على مستوى دولة لكي يُخطط ويُنفذ بكل يُسر 22 تفجيراً في 19 منطقة، 8 منها في العاصمة، دفعة واحدة في اليوم نفسه، بل في الساعة ذاتها تقريباً. وهذه ليست المرة الأولى التي تحدث فيها سلسلة تفجيرات دامية متزامنة في يوم الخميس بالذات، بل انها قد تكون المرة الخامسة أو السادسة. عودوا الى الأرشيف لتتأكدوا.
عندما كان نظام صدام في ذروة جبروته وطغيانه واستهتاره في الثمانينات لم يستطع سوى تدبير تفجيرين أو ثلاثة في سوريا التي كان صدام في غاية العداء لنظامها. فكيف يتأتى لتنظيم لا يملك إمكانيات دولة أن يفرض أجندته بهذه السهولة على ما يُفترض انها دولة تُنفق نحو 15 مليار دولار على الأمن سنوياً؟
هل تنظيم القاعدة وفلول نظام صدام أقوى من دولتنا ؟ أم أن ما حدث يوم الخميس وسواه من الأيام دبرته أو تواطأت فيه جهة أو جهات في دولتنا في إطار الصراع الوحشي بين القوى التي تتألف منها النخبة الحاكمة من أجل المال والسلطة والنفوذ؟
نعم، هي أسئلة تشير بالاتهام إلى النخبة الحاكمة بكل قواها إلى أن تثبت بالأدلة القاطعة أنها بريئة.

 

المدى
العدد (2405) السبت 25/2/2012



 

 

free web counter