| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 25/5/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

لماذا لا نجلب البحر؟

عدنان حسين

بذريعة استعادة حقوق مُغتصبة، شنّ صدام حسين حربين مُدمرتين ضد إيران والكويت دفع فيهما الشعب العراقي، ولم يزل، ثمناً باهظاً للغاية (أكثر من مليون قتيل وملايين الجرحى والمعاقين والأسرى والأرامل والأيتام ومئات مليارات الدولارات قيمة الخراب المادي والديون والتعويضات)، وفي النتيجة لحقت حقوق ضائعة جديدة بالحقوق "المُغتصبة" التي أهدرها هو بنفسه.

الآن يتصاعد دخان أزمة مع الكويت بشأن الحدود البحرية خصوصاً (الأزمة مع إيران بشأن شط العرب مسكوت عنها لأسباب تتعلق بالطائفية السياسية المُعتمدة نهجاً للسياسات الداخلية والخارجية عندنا). صحيح أن لا خوف من نشوب حرب جديدة مع الكويت أو مع إيران، بيد أن بقاء المشاكل الحدودية مع الجارتين الشرقية والجنوبية يضرّ بنا سياسياً واقتصادياً، فالتصريحات الحماسية لا تُعيد حقوقاً مغتصبة أو مهدورة مثلما لم تُعدها حربان طاحنتان، بل أن هذه التصريحات تُستثمر من الأطراف الأخرى للزعم بان العراقيين عدوانيون بطبيعتهم.
بالطبع الحل الأمثل لأية مشكلة هو الحل الودي. ويبدو أن الظروف القائمة ليست مناسبة بعد لمثل هذا الحل إن مع الكويت أو مع إيران، فلماذا لا نفكّر بطريقة مختلفة للبحث عن حل جذري لمشاكل الحدود مع هاتين الجارتين؟
أكبر مشكلة لنا على هذا الصعيد تتعلق بالحدود البحرية والنهرية. بموجب اتفاقية الجزائر 1975 تنازل صدام إلى شاه إيران الراحل عن نصف شط العرب الذي بفعل العوامل الطبيعية يضيق من الجانب العراقي ويتوسع من الجانب الإيراني، ما يجعل نصفنا غير صالح لملاحة السفن التجارية. ولجهة الكويت فان ترسيم الحدود الذي أجرته الأمم المتحدة عقب حرب 1991 ضيّق من الإطلالة العراقية على الخليج.
نحن إذاً في حاجة إلى ساحل أطول وإطلالة أوسع على المياه لبناء الموانئ التي نحتاجها على الخليج ولتسيير السفن الكبيرة في شط العرب، ولا ضمان بان أياً من إيران أو الكويت يمكن أن تتنازل لنا عن حقوق اكتسبتها في حرب شُنت من الجانب العراقي واعتُمدت لدى الأمم المتحدة.
لنفكّر بطريقة مختلفة.. دول الخليج الصغيرة وجدت مع مرور الزمن أن يابستها لا تكفيها فردمت أجزاءً من بحرها (الخليج) وأقامت عليها المنشآت الصناعية والتجارية والمرافق السياحية، بل الأحياء السكنية أيضاً. حدث هذا، ويجري الآن أيضاً، في البحرين والإمارات وقطر والكويت وسواها.
لماذا لا نقوم بعمل معاكس، أي أن نجلب البحر إلينا بحفر يابستنا المطلّة على الخليج؟
هل تبدو فكرة مجنونة؟ لماذا؟ في الماضي حفر الأوروبيون قناة السويس للربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، مثلما حفر الأميركيون قناة بنما للربط بين المحيطين الأطلسي والهادي. كانت التقنيات أقل تطوراً، ومع ذلك تحقق ما كان يُعتبر فكرة مجنونة.
أين نذهب بالطين والتراب والحجر الذي نرفعه لتوسعة بحرنا وماذا نفعل به؟ . أعتقد أن بالإمكان إقامة مصنع للطابوق باستخدام هذا الطين والتراب والحجر، أو يمكن أيضاً بناء جنائن معلقة سياحية في البصرة على غرار جنائن بابل الدارسة التي بُنيت منذ ثلاثة آلاف سنة.
هل الفكرة مُكلفة؟.. أظن أن مبلغاً بحجم ما يسرقه لصوص المال العام من الفاسدين مالياً وإدارياً خلال سنتين أو ثلاث سيكون كافياً لتنفيذ المشروع الذي سيحقق عوائد ومنافع كبرى لجيلنا والأجيال اللاحقة ، وأهمها نزع فتيل المشاكل والحروب المُحتملة مع جارتينا الشرقية والجنوبية.



العدد (2140) الأربعاء 25/05/2011






 

 

 

free web counter