| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الجمعة 25/5/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

مقدمة صحيحة بنتيجة ليست كذلك!

عدنان حسين   

في المقدمة التي استهل بها حديثه الى صحيفة "الصباح" في عددها الصادر أمس،أعطى الأمين العام لمجلس الوزراء والقيادي في ائتلاف "دولة القانون" علي العلاق توصيفاً صائباً للحال التي تمر بها البلاد على الصعيد السياسي، لكن تلك المقدمة الصحيحة لم تؤد الى نتائج صحيحة بخلاف ما يفترضه المنطق.

السيد العلاق افتتح حديثه بالقول ان "ما تشهده البلاد من وضع سياسي ينم عن وجود مشكلة حقيقية (..) تختزن مشاكل متراكمة منذ السنوات الماضية (..) لم تحل، وانما كانت دائما تؤجل أو تُحل بطريقة توافقية ولا تجد مجالها للتطبيق العملي على أرض الواقع عندما تصل (الى) مرحلة تنفيذ هذه الاتفاقات أو التوافقات".
واعتبر السيد العلاق ان هذه المشكلة الحقيقية تتطلب "حلاً جذرياً وليس التأجيل المستمر لها أو الحلول الترقيعية.. نحتاج الى ان تطرح جميع الامور العالقة للنقاش وبشكل شفاف وتُحلّ على أسس واقعية وحقيقية وليس بشكل شخصي...".
هذا كلام سليم تماماً، فنحن نواجه مشكلة حقيقية مركبة ومتفاقمة، وهي تستلزم حلاً جذرياً حقيقياً غير قابل للتأجيل يقوم على البحث الشفاف لكل ما يتصل بهذه المشكلة من أسباب وأبعاد وعواقب متحققة ومحتملة وتحديد للمسؤوليات وخيارات للحل. بيد ان الأمين العام لمجلس الوزراء يحدد اطاراً للحل لا يؤدي الى حل، فهو يدعو الى "تشكيل هيئة حكماء من خارج العملية السياسية أو تدخل المحكمة الاتحادية لتسوية الإشكالات الحاصلة بين الاطراف بعد التقريب بينها"، كما تنقل الصحيفة عنه، مستبعداً سلفاً الحل الأكثر شيوعاً في النظم الديمقراطية عندما تواجه أزمة سياسية تستعصي على الحل فترة طويلة من الزمن، وهو إقالة الحكومة أو استقالتها أو حل البرلمان وتنظيم انتخابات عامة جديدة، وهو حل يقوم على المبدأ الديمقراطي الأول المكرس في دستورنا والقائل ان الشعب هو مصدر السلطات.
أزمتنا السياسية الحالية التي تمتد جذورها الى سنوات عدة كان مطروحاً لها أن تُحل بطريقة واقعية وشفافة، كما يدعو السيد العلاق، عبر مؤتمر وطني كان قد بادر باقتراحه طرف ثالث وليس أحداً من طرفي، أو أطراف، الأزمة الراهنة، وهو الحزب الشيوعي العراقي. هذا المؤتمر كان سيجمع الى جانب أطراف الأزمة قوى وشخصيات وطنية ومنظمات مدنية من داخل العملية السياسية وليس من خارجها (القاعدة والبعث ومن على شاكلتهما هم وحدهم من وقف خارج العملية السياسية، ومن المفترض ان السيد العلاق لا يرغب بمشاركة هؤلاء في البحث عن حل للأزمة لأنهم ببساطة يسعون الى نسف هذه العملية برمتها)، الا ان ائتلاف دولة القانون هو الذي أطاح فكرة المؤتمر الوطني بوضع مواصفات له على مقاسات "دولة القانون"، بالإصرار على جعله اجتماعاً أو لقاء، أي جلسة ديوان تضع حلاً مؤقتاً للأزمة بتفاهمات شخصية، لا يرغب فيها السيد العلاق نفسه كما أعلن صراحة في حديثه الصحفي.
المؤتمر الوطني الشامل الذي يبحث بشفافية الأزمة الراهنة من كل جوانبها ويضع حلاً جذرياً حقيقياً لها، هو الخيار الأنسب للحل، والا فان حل حكومة "الشراكة الوطنية"(غير القائمة)، باستقالتها أو سحب الثقة منها هو الخيار البديل للمؤتمر الوطني من أجل تشكيل حكومة جديدة تكون مهمتها الرئيسة تحضير البلاد للانتخابات التشريعية اللاحقة. والتحضير يعني تشريع القوانين اللازمة لهذه الانتخابات: تعديل قانون الانتخابات وتشريع قانون الأحزاب، وكذلك تشكيل مفوضية جديدة للانتخابات. ومن المفترض ان يُكلل هذا بالإحصاء العام للسكان. أما خيار حل البرلمان فليس مُنتجاً، فبقانون الانتخابات الحالي ومن دون قانون للأحزاب ومن دون احصاء سكاني كذلك سيعني إجراء انتخابات مبكرة إعادة إنتاج لأزمة اليوم.

 

المدى
العدد (2493) الجمعة 25/5/2012



 

 

free web counter