| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 25/7/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

"حيل" بالمفوضية.. ولكن

عدنان حسين

لا أحب المفوضية (المستقلة؟) للانتخابات، ولم أحبها منذ أول تجربة معها في انتخابات الجمعية الوطنية (مطلع 2005)، فهي بالنسبة لي تحوّلت منذ البداية من هيئة مهمتها الأولى والأخيرة تنظيم انتخابات برلمانية وبلدية حرة ونزيهة تضع البلاد على طريق الديمقراطية إلى شاهد زور على عملية انتخابية لم تخلُ من أعمال تزوير مفضوحة.

في تلك الانتخابات والانتخابات اللاحقة تدخّلت الأحزاب والجماعات المتنفذة، بأموالها وميليشياتها، في العملية الانتخابية من أولها إلى آخرها، بما في ذلك حشو صناديق انتخابية ببطاقات مؤشرة سلفاً. وقد جرى ذلك أمام أنظار موظفي المفوضية الذين حصل الكثير منهم على وظائفه بتأثير وضغط من تلك الأحزاب والجماعات، بل إن بعضهم كان من عناصر هذه الأحزاب والجماعات ولعب دور حصان طروادة لصالحها. ولم تهتم المفوضية العليا، كما ينبغي، بالاعتراضات والاحتجاجات والشكاوى التي تقدّم بها إليها مرشحون من أحزاب وجماعات ومنظمات مجتمع مدني عديدة، فقد آثرت قيادات المفوضية مصالحها الشخصية على الصالح العام ورضيت بتزوير إرادة الشعب، خوفاً من تهديد ووعيد أو طمعاً في مغنم وامتياز.
وبرغم هذه العلاقة غير الودية في ما بيني وبين المفوضية، لم أفرح بإخضاعها إلى الاستجواب في مجلس النواب ولا بالمعلومات المتناقلة بشأن احتمال سحب الثقة من رئيس المفوضية وعدد من مسؤوليها وموظفيها. فلا شك عندي في إن في المفوضية فساداً مالياً وإدارياً، شأنها في ذلك شأن كل مؤسسات الدولة، بما فيها الوزارات والهيئات الموصوفة مستقلة وهي ليست كذلك في الواقع. لكنني لا أستطيع التغافل عن التسييس الواضح في عملية الاستجواب.
ما هي علامات هذا التسييس؟
أولها ما انعكس خلال عملية الاستجواب وعلى هامشها من عصبية وتوتر وتحريض من جانب المُستجوِبين. قارنوا مثلاً بين هذه العملية وعملية الاستجواب التي جرت في البرلمان البريطاني لرئيس شرطة لندن ومالكي ومسؤولي صحيفة "نيوز اوف ذا وورلد" بشأن فضيحة التنصت على المكالمات الهاتفية.. كان المحققون، وهم أعضاء في مجلس العموم، في غاية الهدوء، فالهدف من استجوابهم هو كشف الحقيقة وليس شيئاً آخر.
وثاني العلامات إن استجواب المفوضية لم يأت في إطار صحوة ضمير متأخرة من مجلس النواب لفتح ملفات الفساد الكثيرة للغاية والحافلة للغاية في دولتنا، فمفوضية الانتخابات على سوء تاريخها، في نظري، ربما كانت هي الأقل فساداً بين مؤسسات الدولة وهيئاتها. لماذا يُسكت على فساد وزراء ووزارات ومدراء ومديريات ومسؤولين كبار آخرين ومؤسسات مهمة أخرى؟ بل لماذا يجري التستّر على فاسدين ومُفسدين من عيار أكثر ثقلاً من فاسدي المفوضية؟
وثالث العلامات أن استجواب مفوضية الانتخابات اختير له توقيت لا بدّ أن يكون ذا مغزى على مشارف الاستحقاق الانتخابي لمجالس المحافظات والبلديات. ثمة نظرية لا يمكن إهمالها تقول إن المقصود من الاستجواب "فركشة" المفوضية حتى لا تتم هذه الانتخابات في وقتها الذي لا يبدو مناسباً لقوى معينة متنفذة في الحكومة، في ظل النقمة الشعبية العامة على الحكومة بسبب عدم نجاحها في البرّ بوعودها وتعهداتها للشعب.
من كل قلبي أتمنى ألا تخرج المفوضية من الاستجواب بريئة، فهي بالنسبة لي مذنبة بتهمة المشاركة في تزييف إرادة الشعب في كل الانتخابات.. ومن كل قلبي أيضاً أتمنى أن يثبت مُستجوِبو المفوضية لي ولغيري أن استجوابهم بريء ومنزّه من كل غرض سياسي.



العدد (2201) الأثنين 25/07/2011






 

 

 

free web counter