كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

 

الأحد 25/9/ 2011

شنــاشيــــل : برلمان جديد عدنان حسين لو كان الأمر بيدي لطلبتُ في الحال استنفار فرق الموسيقى الشعبية، كيما تدور في شوارع بغداد وسائر مدن البلاد على ظهور سيارات البيكاب، وتتوقف في الساحات والحدائق العامة لإيصال رسالة مُفرحة الى الشعب مفادها انه سيكون له أخيراً، بعد تسع سنوات عجاف، برلمان يمثّله ويعبّر عن تطلعاته عن حق وحقيقة. ثمة سبب قوي للأمر باحتفال من هذا النوع، فأمس وضع رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي حجر الأساس لمبنى البرلمان الجديدة خارج المنطقة الخضراء في العاصمة، على أرض مطار بغداد القديم (المثنى). والمفروض أن تؤشر هذه الخطوة الى نهاية عهد وبداية عهد آخر.. نهاية عهد القطيعة بين البرلمان والشعب وبداية عهد العلاقة الوثيقة بين النواب ومن انتخبوهم ليكونوا ممثلين عنه حاملين صليبه وسائرين في طريق آلامه الموجعة وآماله التي لا حصر لها. يبدو ان المبنى سيكون غاية في الجمال وقمة في فن العمارة، فالسيد النجيفي حرص في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة في مؤتمر صحفي، على الإشارة إلى ان المبنى سيعكس عناصر الفخامة والعظمة "كطموح لإبداع عراقي صميمي مجتهد ومبتكر في كل محفل، وسيكون وردة السِفر الحضاري وأسسه الأولى واكتشافاته الهائلة ويعكس إبداعات الهندسة العراقية لعبقرية الفنان العراقي عبر المسار التاريخي العملاق". كلام جميل، لكن - وهذا ما يكبح الرغبة في الاحتفال بوضع حجر الأساس لمبنى البرلمان الجديد - الأهم من عمران البناء عمران النفوس، فما نريده أن يزدان البرلمان الجديد بتفاصيله الداخلية وليس بواجهاته وشرفاته وأقواسه ومقرنصاته المطلّة على الخارج والتي لا تُشبع جائعاً ولا تُكسي عرياناً ولا تجلب الكهرباء الى بيت مظلم ولا توفّر فرصة عمل لجامعي عاطل منذ سنوات... الى آخر السلسلة الطويلة من مطالب الشعب وطموحاته. والتفاصيل الداخلية هم الأشخاص الذين سيحتلون مقاعد المبنى الجديد ويستخدمون ميكروفوناته... هل سيكون الرجل (أو المرأة) المناسب في المقعد المناسب؟ هل سيكون هذا الرجل (أو المرأة) لسان الشعب الذرب وصوته المفعم بالوطنية والمسؤولية والناطق بالدعوة الى العدل والنزاهة؟ أهم من المبنى وتفاصيل واجهاته ألا يدخل هذا المبنى نائب انتخب بالتزوير أو بالرشوة أو بفتوى فاسدة مدفوعة الثمن لروزخون.. ألا يدخله نائب يحتقر البرلمان ولا يحضر جلساته ولا يشارك في مناقشاته، يرى نفسه أكبر من الجميع وفوق الشعب فيما هو بقضّه وقضيضه وبألقابه منتهية الصلاحية لا يساوي ثمن الحبر الذي استخدم في طباعة صورة واحدة من صوره.. ألا يدخله نائب دنيء النفس لا يكتفي براتبه المبالغ فيه فيستحوذ على النصف أو أكثر من الأجور المقررة لحرّاسه.. ألا يدخله نائب يكرّس وقته للمقاولات والصفقات الفاسدة بدل عنايته بمصالح ناخبيه واحتياجاتهم... ألا يدخله نائب يسعى لإعادة النظام الصدامي أو اعادة انتاج صدامية جديدة... ألا يدخله نائب لا يعرف غير عزف المقطوعات الطائفية والشوفينية المنفّرة... حينها فقط سيكون برلماناً جديراً بالاحتفاء والاحترام.   العدد (2258) الأحد 25/09/2011