| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 24/1/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

"ساروطة" عراقية في السويد!

عدنان حسين

اجتاحني شيءٌ من الضيق ووضعتُ كفّي على صدري من جهة اليسار وأنا أقرأ إن دائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة أعلنت في بيان عن سعيها لافتتاح مركز ثقافي في العاصمة السويدية ستوكهولم.

من حيث المبدأ الخطوة طيبة، فسيتاح للجالية العراقية في إحدى دول اللجوء الرئيسة أن تمارس نشاطاتها الثقافية في هذا المركز وأن تتواصل من خلاله مع الحياة الثقافية في الوطن الأم، كما انه سيوفر الفرصة لتوثيق العلاقات الثقافية وسواها بين العراق والسويد، فكما جاء في البيان سيكون المركز "حاضنة للثقافة العراقية ويعكس نشاطات المثقفين والفنانين العراقيين المغتربين".
وسبب الضيق انه في كل خطوة من هذا النوع يلوح لي شبح الفساد المالي والإداري. فكما كانت عليه الحال في عهد النظام السابق الذي دأب على تعيين الأنصار والمريدين في الممثليات الخارجية، لم تزل الأمور تجري على النحو ذاته، فالتعيينات في الممثليات الدبلوماسية والثقافية والتجارية والتعليمية في العهد الجديد تجري في الغالب وفقاً لأسس وقواعد المحاصصة والتوافقات التي حكمت معظم، بل كل، التعيينات في المناصب الرئيسة في الدولة.
وسبب الضيق أيضاً إن افتتاح مركز ثقافي أو ممثلية تجارية أو تعليمية جديدة في الخارج سيعني بالضرورة نشوء بؤرة للفساد المالي، فالمصروفات ستتضاعف مرة ومرتين في الأقل لتمتلئ جيوب نفر من الحرامية بالمزيد من النقود.
منذ أيام التقيت في بلد عربي اثنين من الأصدقاء، هما شريكان في مؤسسة للانتاج الفني، وحكيا لي انه جرت اتصالات بين شركتهما وممثلية لإحدى مؤسسات الدولة العراقية في بلد خليجي، لبيع بعض منتجات الشركة الفنية الى المؤسسة العراقية، وقد طلبت الشركة مبلغاً لقاء المنتج الفني بواقع 1000 دولار أميركي عن كل قطعة (أو حلقة)، لكن المسؤول في الممثلية العراقية اعترض على المبلغ. يقول الصديقان ان شركتهما ظنت ان ممثل المؤسسة العراقية كان يرغب في سعر أقل، فقيل له ان السعر محدود وهو خاص بالمؤسسة المعروض عليها لأنها عراقية بالذات وثمة رغبة في التمهيد للتعاون مع الجانب العراقي، لكن المفاجأة ان ممثل المؤسسة العراقية طلب أن يُسجل سعر القطعة (أو الحلقة) ثلاثة آلاف دولار، الألف الأولى للشركة العربية المنتجة والألف الثانية لـ(الوسيط) الذي هو ممثل مؤسسة الدولة العراقية نفسه والألف الثالثة لمديره الذي سيوافق على الصفقة ويمررها!
كان الصديقان يتحدثان بتعجّب شديد عن هذه الواقعة، لكنني هوّنت عليهما وقلت إن ما طلبه ممثل مؤسسة الدولة العراقية في البلد الخليجي، بالمقارنة مع الصفقات الكبيرة التي تجري في مجالات المشاريع الكبيرة كمحطات الكهرباء والطرق والجسور والإسكان والصحة والتعليم والمنشآت النفطية والصفقات التجارية وسواها، هو "بينوتس" (فستق سوداني) بحسب تعبير الإنجليز عندما يتحدثون عن الأشياء بخسة الثمن.
افتتاح مركز ثقافي أو أي ممثلية أخرى في الخارج يمكن أن يتحول إلى "ساروطة" للمال العام، إن وُضع في أيدي مسؤولين يترشحون وفقاً لأسس وقواعد المحاصصة الطائفية والحزبية والقبلية.

 

المدى
العدد (2373) الثلاثاء 24/1/2012



 

 

free web counter