| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 24/8/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

محافظة سهل نينوى.. لماذا لا؟

عدنان حسين

مثل "كورة" دبابير هاج وماج البعض في وجه الفكرة المطروحة لإقامة محافظة جديدة في المناطق التي تتألف من أغلبية سريانية آشورية كلدانية في سهل نينوى. وسواء تنبّه الهائجون المائجون أو لم يتنبّهوا فان ردة فعلهم تعبّر عن موقف شوفيني أو في الأقل استصغاري.
الهائجون المائجون هم من أكثر الناس الذين يرددون مفردات مثل "المكوّن" و "المكونات"، وهم في الأساس يطرحون أنفسهم ممثلين لمكون قومي – ديني – مذهبي.

هذا الموقف ينسف نظريتهم المكونية ويفضح أنهم يستخدمون هذا المصطلح لخدمة أغراض سياسية شخصية ولتحقيق أهداف لهم بالمواصفات ذاتها.
في أحلك الظروف، خلال عقود متصلة قبل العقد الأخير، لم نسمع أن مكونات قومية كالسريان والكلدان والآشوريين، أو دينية كالمسيحيين والايزيديين والصابئة المندائية قد طالبت بكانتونات أو غيتوات منعزلة أو كيانات جغرافية منفصلة. فلقد عشنا معهم وعاشوا معنا في الأزقة نفسها والمدن عينها، ودرسنا وعملنا في المدارس والدوائر ذاتها، وفي كثير من الأحيان كنا ننسى أنهم من مكونات أخرى. بل ننسى مكوناتنا، وبخاصة الدينية والطائفية، ولا نتذكر ولا نفاخر إلا بالمكوّن الوطني الجامع المانع.
ربما هي فكرة خاطئة، لكن ما الذي يجعل عراقيين أصلاء يتبنون مثل هذه الفكرة؟ أليس هو التهديد الجدي لحياتهم ومصالحهم ومستقبلهم؟ وهؤلاء الهائجون المائجون ما الذي عملوه لتطمينهم وللدفاع عن وجودهم في مدنهم ومناطقهم؟
أصحاب المكوّنات الذين هاجوا وماجوا حيال الدعوة إلى إقامة محافظة في سهل نينوى، وقبلها حيال فكرة الأقاليم وحيال فيدرالية إقليم كردستان، وأثناء ذلك تقاتلوا طائفياً وذبّحوا الناس على الهوية الطائفية والمناطقية، هم الذين تسببوا في نشوء هذه الأفكار وتبلورها على النحو الذي أزعجهم وجعلهم يهيجون ويميجون مثل "كورة" دبابير.
من أكثر المتحمسين لمحافظة سهل نينوى النائب عن ائتلاف دولة القانون الشيخ خالد العطية، حسبما تتناقل وسائل الإعلام، ومن أكثر المعارضين لها رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، وهما من ممثلي المكونين العربيين الرئيسيين (الشيعة والسنة)، ورغم تباين الموقفين فان الشيخ العطية والسيد النجيفي لم يحل نفوذهما بين مكونيهما دون تعرّض الكلدان والسريان والآشوريين للقتل والخطف والتفجير في البصرة أو بغداد أو الموصل على مدى السنوات الماضية.
في الماضي كان العراق مشكّلاً من خمسة عشر لواء، والآن يتألف من ثماني عشرة محافظة.. وبين الألوية والمحافظات لم تزدد مساحة العراق، بل نقصت بعدما وهب صدام حسين إيران والأردن والسعودية عشرات آلاف الكيلومترات.
الحاجة والسياسة أملتا استحداث محافظات النجف وصلاح الدين (تكريت) ودهوك. ويمكن للحاجة أن تمليا استحداث محافظة أخرى بين الأنبار ونينوى مثلاً وبين السليمانية وأربيل.. فلماذا لا يصح إنشاء محافظة في سهل نينوى بحكم الحاجة إلى الأمن لمكونات عراقية أصيلة؟
ليست هذه المحافظة خياراً مثالياً، لكنه يمكن أن يكون خيار المضطر إذا ما ظلّ من يعتبرون أنفسهم ممثلين لمكونات المجتمع العراقي الرئيسية لا يهتمون إلا بمصير مكوناتهم.. بل إلا بمصالحهم، غير عابئين بحرب الإبادة المنظمة ضد المسيحيين والتي يقف فيها السلفيون المتطرفون إلى جانب الطامعين في أملاك الآشوريين والسريان والكلدان في العاصمة بغداد وسواها من المدن الرئيسية.


العدد (2231) الأربعاء 24/08/2011






 

 

 

free web counter