| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 25/6/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

فخ عمليات بغداد

عدنان حسين

أمس كان يوم انكشاف لدولتنا التي أظهرت مرة أخرى أنها لا تجيد التخطيط والتدبير في شأن أبسط الأمور، وأنها لا تحترم نفسها ولا مواطنيها بدلالة عدم التزامها بما تُعلنه وما تعدُ به وسوء تعاملها مع مواطنيها. أمس كان بالأحرى يوم عار وطني حيث تعرّض الآلاف من سكان العاصمة الى تعدٍّ سافرٍ على حقوقهم وتجاوز على كرامتهم الإنسانية والوطنية بوقوعهم في فخ نصبته لهم قيادة عمليات بغداد الموكلة اليها مهمة توفير الأمن لسكان بغداد .

علناً وعلى رؤوس الأشهاد أهينت أمس نساء عراقيات ورجال عراقيون وأطفال عراقيون على نحو فج للغاية في عدة شوارع وساحات في بغداد، وُضِعوا في موقف لا يتمناه المرء النبيل حتى لخصومه .. كانوا يتوسلون عناصر عسكرية في أعمار أبنائهم وأحفادهم من أجل السماح لهم بالعبور من الرصافة الى الكرخ على بعض جسور بغداد ... كان عناصر قيادة عمليات بغداد هؤلاء يرفضون "بكل إباء وشمم"! أن يسمحوا للمتوسلين والمتضرعين بالعبور بسياراتهم أو بسيارات التاكسي أو بالكوسترات والكيًات... فرضوا عليهم أن يعبروا جسور الصرافية والأعظمية والأئمة مشياً على الأقدام تحت أشعة الشمس الحارقة أو العودة من حيث أتوا!
من دون سابق إعلان أو إنذار أغلقت قيادة عمليات بغداد هذه الجسور، وربما أيضا جسوراً أخرى، في الاتجاه من الرصافة الى الكرخ فتقطعت السبل بالناس بحجة تأمين زوار الإمام موسى الكاظم.
شخصياً عبرت جسر الأعظمية في حدود الساعة العاشرة صباحاً من الكرخ متجهاً إلى ساحة الرصافي، لكنني وجدت كل الطرق المؤدية إلى الباب المعظم مغلقة ما أدى الى زحام مروري خانق.. بعد ساعة من المحاولات الفاشلة لإيجاد طريق ما مفتوح طلبت من سائق التاكسي ان يعود بي الى حيث ركبت معه .. حاولنا الاتجاه الى جسر الصرافية فوجدناه مغلقاً، واتجهنا الى ساحة عنتر لنعبر جسر الأعظمية فوجدنا ان المرور من الساحة الى هذا الجسر وجسر الأئمة غير مسموح به ايضاً. كان عشرات من النساء والرجال قد نزلوا من سياراتهم يتوسلون ويتضرعون من دون جدوى .. جربت حظي فتحدثت الى جنديين وضابطين، لكن الجواب كان يأتي قاطعا بلهجة عدوانية أحياناً: "لا مجال .. لدينا تعليمات مشددة".. اقتربت من أحد الضابطين ورجوته أن يسمح لي بتوجيه السؤال إليه: "كيف تمنعون الناس من العبور وهم في بلدهم وفي مدينتهم؟ كيف تمنعونهم وهم ليسوا في حال حرب؟ أين يترك الناس سياراتهم إذا عبروا مشياً على الأقدام حسب ما تطلبون؟ هل أعلنتم مسبقاً عن هذه التدابير؟ بأي حق تفعلون هذا بالناس؟".
كان الضابط ينظر في عيني شبه مشدوه وهو يسمع هذه الأسئلة.. قاطعني بلطف: عمي، الحق وياك، بس الأمر مو بيدنا. سألته : بيد من؟ دلني عليه لأتحدث معه، أجاب : عمي ، الأمر بيد واحد قاعد في غرفة مبردة ويتفرج على أفلام الفيديو.. قلت له : اتصلوا به لتبلغوه بان الناس منزعجون للغاية، قال : عمي هو يدري كلش زين!... لم يكن أمامي ومئات آخرين سوى المشي سيراً على الأقدام من ساحة عنتر الى العطيفية عبر جسر الأعظمية.
أمامي الآن تصريح للمتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا أدلى به خلال مؤتمر
عقده الاثنين الماضي ونقلته "السومرية نيوز"، قال فيه إن "قيادة عمليات بغداد وبمناسبة استشهاد الإمام الكاظم أعدت خطة أمنية وخدمية لتأمين الأجواء لزوار مدينة الكاظمية".
وأشار الى أن "جميع الطرق ستكون مفتوحة أمام حركة الزوار عدا بعض الطرق تركنا فيها حرية التصرف للقطعات باتخاذ ما تراه مناسبا وبما يؤمن الحماية الكاملة للزوار". وأكد أن "جميع الجسور ستكون مفتوحة وان جسر الأئمة سيكون باتجاه واحد لخروج الزوار بعد انتهاء مراسم الزيارة".
بالله عليكم في أي خانة تضعون هذا التصريح بعد إغلاق جسور الائمة والأعظمية والصرافية أمام وسائل النقل العام والخاص جميعاً من الرصافة الى الكرخ يوم أمس؟
الدولة التي تحترم نفسها تحترم شعبها، والفخّ الذي نصبته قيادة عمليات بغداد لسكان العاصمة أمس لا ينمّ عن أي قدر من الإحترام، بل هو إهانة بالغة.

 



العدد (2171) السبت 25/06/2011






 

 

 

free web counter