| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 24/9/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الموازنة تتضاعف.. لا تفرحوا!

عدنان حسين

يبدو خبراً طيباً ، لكنه ليس كذلك في الواقع، فزيادة موازنة الدولة العراقية للعام المقبل بنسبة 33 - 35 بالمئة خبر رائع، من المفروض أن يجعل العراقيين يحلّقون عالياً ليس فقط بأحلامهم وآمالهم وتمنياتهم، وإنما أيضاً واقعياً بالتحوّل من حياتهم البائسة الراهنة إلى حياة الرفاه، بيد أن واقع الحال يبنى بشيء مختلف.

وزير التخطيط السيد علي الشكري أعلن الخميس الماضي ان موازنة العام المقبل ستتراوح بين 112 و120 مليار دولار، وهذا يعني زيادة تتجاوز نسبتها 33 بالمئة عن موازنة العام الحالي البالغة 83 مليار دولار.
الخشية كل الخشية أن لا تُحدث هذه الزيادة المعتبرة أي فرق في حياتنا، وأن يكون التحليق المنتظر من نصيب المحلّقين عالياً في الأصل، وهم الفَسَدة، بينما يظل الناس على حالهم المزرية التي مرّ عليها الآن نحو تسع سنوات تعقب ربع قرن من غاية البؤس والمعاناة متعددة الأشكال والأنواع والآثار والنتائج.
إلى ما قبل بضع سنوات كانت الموازنات السنوية تقل عن 50 مليار دولار(موازنة 2008 بلغت 42 مليار دولار)، قفزت في العام 2009 إلى 67 ملياراً وفي العام الماضي الى 79 ملياراً وهذا العام إلى 83 ملياراً، أي أنها تضاعفت بين 2008 والعام الحالي، بيد أن حياتنا لم تتغير بالنسبة نفسها، فمعضلة النقص الحاد في الكهرباء قائمة من دون أي تغيير جيد يُذكر، ومشكلة البطالة المتفشية بين الخريجين وغيرهم على حالها، ومستوى خدمات الصحة والتعليم والماء الصالح للشرب ومجاري الصرف الصحي مستمر في حاله السيئة في الأعم الأغلب، ولم تزل مفردات البطاقة التموينية لا تصلح للأكل البشري. والأمر كذلك بالنسبة للزراعة والصناعة والري.
بخلاف هذا، ظلت حياة الفَسَدة من لصوص المال العام والخاص تتغير بوتائر متصاعدة وتحلّق بسرعة فلكية سنة بعد سنة بل شهرٌ بعد شهرٍ، ففي لبنان والإمارات وأوروبا والولايات المتحدة وكندا وبلدان أخرى تتضخم الأرصدة وتُسجل البنايات والفنادق والشركات والملاهي بأسماء أبناء وأتباع نواب ووزراء ووكلاء ومدراء. وهذا هو بالذات ما يجعلنا لا نتوقع مذاقاً طيّباً للزيادة الهائلة الجديدة في الموازنة العامة للدولة، فعشرات المليارات الإضافية ستتسرب في معظمها إلى جيوب الفَسَدة.
بين العام 2008 والعام الحالي لم نر ميناءً كبيراً قد أُنشئ على رأس الخليج، أو خطاً استراتيجياً للسكك الحديد بين الشمال والجنوب أو داخل المدن الرئيسة قد بُني، ولم نسمع عن منشأة صناعية كبرى أو مشروع زراعي أو إروائي كبير قد أُنجز أو حتى ابتدأ بتنفيذه.
والسرّ الذي ليس سرّاً في الواقع في ذلك أن المليارات المضافة لا تجد طريقها إلى المشاريع من هذا النوع بل إلى المشاريع الشخصية للفاسدين والمُفسدين.
لا تفرحوا بالزيادة الكبيرة في عوائد النفط وفي تخصيصات الموازنة العامة، فحصتنا فيها لا تعادل قيمة نوى التمر.
 


العدد (2257) السبت 24/09/2011






 

 

 

free web counter