| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 24/6/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

مشروع قانون في برلمان الإقليم .. لا حاجة له

عدنان حسين   

كلّ الحق مع منظمة "هيومن رايتس ووتش" في إعتراضها على مشروع قانون "حماية المقدسات" المقدّم الى برلمان إقليم كردستان، وفي حثها هذا البرلمان على الإعتراض على مشروع القانون وردّه الى حكومة الإقليم التي اقترحته.

المنظمة الدولية المعنية بحقوق الانسان انطلقت في موقفها من ان مشروع القانون يضع قيوداً تمسّ حرية التعبير المكفولة في دستور الإقليم وفي الدستور الإتحادي. ويطلب مشروع القانون الحكم بالسجن عشر سنوات واغلاق وسائل النشر وفرض عقوبات مالية كبيرة عن أفعال "الإساءة الى الأديان".

وقالت المنظمة في بيان لها يوم الجمعة ان مشروع القانون الذي يُجرّم (( سب الذات الالهية والتهكم عليها)) و (سب وإهانة وتصوير الأنبياء بشكل غير لائق)، لا يحتوي على ((أي معايير للتفريق بين التعبير المسموح به والتعبير الذي فيه إساءة أو استهزاء أو اعتداء على الموضوعات الدينية)).

ان كتابة قوانين بصياغات فضفاضة كالتي كتب بها مشروع القانون هذا يمكن ان يكون ذريعة ومرتكزاً للتعسف في حق الافكار ولقمع حرية التعبير، فسيكون في وسع رجل شرطة جاهل او رجل دين نصف امي او محام او قاض متعصب ان يرمي الآخرين بالتهمة الجاهزة "الإساءة الى المقدسات".

من الواجب ان يصف القانون وصفاً دقيقاً لا يحتمل التأويل وأن يحدد تحديداً تاماً لا يحتمل اللبس الفعل المستهدف بالعقوبة منعاً لأي تعسف في تطبيق القانون، وهذه في الواقع مهمة صعبة للغاية، فاذا كان القرآن على سبيل المثال "حمّال أوجه" كما قال الإمام علي بن أبي طالب فكيف لا يكون القانون الذي يشرّعه برلمان إقليم كردستان أو البرلمان الإتحادي كذلك؟

ثمة وجه آخر لهذه القضية، فمن يتعرض للأديان وسائر المقدسات بالإساءة والتحقير سفيه من دون أدنى شك. حتى غير المؤمنين لا يبيحون لأنفسهم ولا لغيرهم سبّ الأديان ورموزها والسخرية منها، فالدين عقيدة واللاتديّن عقيدة هو الآخر، وأصحاب العقائد الحقيقيون لا يقبلون بالطعن في العقائد لأن الأمر سيطالهم هم أيضاً. أصحاب العقائد يدركون انه لكي يتحقق لهم احترام عقائدهم لا بد أن يحترموا عقائد غيرهم.

ان وضع قوانين لمعاقبة السفهاء، وهم أقلية ضئيلة، يمكن أن ينقلب الى ضده، فيرفع من شأنهم ويجعلهم مشهورين بعدما كانوا مغمورين، وهناك أمثلة كثيرة.

رسام الكاريكاتير الدنماركي كورت فيسترجارد، على سبيل المثال، يُعتبر سفيهاً من وجهة نظر الكثيرين بسبب ما تضمنته رسومه من إساءة للدين الاسلامي والنبي محمد. لكن الضجّة التي أثيرت ضده في العالمين العربي والاسلامي رفعت من شأنه في بلده وبلدان أخرى كثيرة، حتى انه نال الجوائز وحاز على التكريم. ومن المؤكد انه من دون الفتوى والضجة ما كان سيُعرف بمثل هذا النطاق الواسع.

ثمة أكثر من اسلوب ووسيلة لمعالجة السفاهة لدى الأفراد، عبر المدرسة والمجتمع ووسائل الاعلام. أما القوانين، كمشروع القانون المُقدّم الى برلمان إقليم كردستان، فمن المرجح ان تكون لها آثار سلبية جانبية (تقييد حرية التعبير والاعتقاد) من دون أن تحقق هدفها. كما انها تنزل بالمقدسات الى مستوى متدن لا يليق بها.
 

 

المدى
العدد (2517) الأحد 24/6/2012



 

 

free web counter