| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 23/3/ 2013                                                                      

 

شنــاشيــــل :

لِمَ لا نكون كالكويتيين؟

عدنان حسين  

تلميذة عمرها 11 سنة توفيت منذ عشرة أيام أثناء ما كانت تتلقى العلم في مدرستها. المعلومات الرسمية أكدت أن الوفاة كانت بالسكتة القلبية، فللتلميذة معاناة سابقة من متاعب في قلبها. المعلومات غير الرسمية أفادت بان التلميذة التي توفيت في الطريق من المدرسة الى المستشفى تعرضت في الصف الى تعنيف من معلمة لها ضربتها بكتاب على يدها، لكن ادارة المدرسة نفت ذلك.
أياً كانت التفاصيل فان الخبر عادي، ويحدث مثله يومياً تقريباً في مختلف انحاء العالم، ولا يلتفت اليه أو يهتم به سوى عائلات الموتى وجيرانهم، ولا تنشره وسائل الاعلام، الا الصحف المحلية أحياناً اذا كان المتوفى من عائلة معروفة في مدينته.
لكن وفاة التلميذة ذات الإحدى عشرة سنة منذ عشرة أيام صارت خبراً رئيساً في بلادها، الكويت .. نعم الكويت جارتنا الجنوبية الصغيرة، فحال إعلان خبر الوفاة، بل قبل اعلانه في وسائل الإعلام، تقدّم وزير التربية والتعليم العالي الكويتي الدكتور نايف الحجرف باستقالته من منصبه ووضعها تحت تصرف رئيس الوزراء، محملاً نفسه المسؤولية عن هذا الحادث بحكم منصبه "استشعاراً لمسؤوليتي السياسية والأدبية".
نعم حدث هذا في الكويت منذ عشرة ايام، والوزير المتقدم باستقالته الذي اجتمع على الفور بمسؤولي التربية في منطقة الفروانية حيث وقع الحادث في احدى مدارسها ثم انتقل معهم الى دار عائلة التلميذة المتوفاة لمواساة أهلها وتعزيتهم، قال في تصريح للصحافة "أحطت رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك بحادثة الوفاة، ولأنني مؤمن بأن أبناءنا الطلبة هم من مسؤوليتي الشخصية، فإنني أتحمل مسؤولية ما حدث بدون أي تقصير من المسؤولين في الوزارة"، وكرر القول ""أنا مسؤول عن كل طالب وطالبة في المدارس، وأتحمل مسؤوليتي السياسية بعد وفاة الطالبة وأقدم استقالتي".
لا ادري إن كان كبار المسؤولين في دولتنا، العراق الكبير العريق العظيم، بمن فيهم رئيس الوزراء والوزراء ونائب رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس النواب ورئيسهم ونائباه والقادة الأمنيون قد عرفوا بهذا الأمر .. نفسي أعرف، إن كانوا قد عرفوا به، ماذا قالوا في دواخلهم.. هل أكبروا في الوزير الكويتي فعلته أم ضحكوا منه؟
هنا، في عراقنا الكبير والعريق والعظيم، تُزهق كل يوم بالجملة أرواح بريئة، وكل اسبوع تقع سلسلة واحدة في الأقل من التفجيرات الإرهابية التي يذهب ضحية لها المئات من العراقيين الأبرياء.. ومن أول وأهم أسباب هذا الهدر الهائل في ارواح العراقيين تقصير أجهزة الأمن والأجهزة الدولة السياسية ايضاً، ولكن لا أحد يتحلى بالشرف العسكري أو المدني ولا بالحس الوطني والضمير الانساني لكي يتقدم باستقالته كما فعل وزير التربية والتعليم العالي في جارتنا الصغيرة، أو في الأقل لكي يعتذر إلى عائلات الضحايا.
كل ما خرج به القائد العام لقواتنا المسلحة، رئيس الوزراء، أخيراً انه لام المسؤولين الأمنيين وهددهم بالطرد والسجن إن تكررت مجزرة الثلاثاء الماضي. ولكن يا سيادة القائد العام هذه المجزرة لم تكن الأولى ولا الثانية من نوعها لكي تكتفي بلوم رجالك وتهديدهم بالطرد والسجن .. إنها المرة المئتان بل الثلاثمئة في عهدك.. كان عليك ان تطرد رجالك وتسجنهم منذ زمن .. بل كان عليك أن تعتذر إلى شعبك عن عدم قدرة حكومتك عن تحقيق الأمن، فضلاً عن جلب الخدمات ومكافحة الفساد.. الخ .. بل كان عليك أن تتحمل المسؤولية السياسية والأدبية وتستقيل، كما فعل وزير التربية في جارتنا الجنوبية الصغيرة.



المدى
العدد (2755)  23/3/2013

 

 

free web counter