| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 23/1/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

منجم الذهب المُهمل

عدنان حسين

وهو ميّت لم يزل صدام حسين يتسبب في محن لبعض الناس. وآخر ضحايا الطاغية المعدوم رجل بريطاني في السادسة والستين من عمره كان يحاول بيع مؤخرة التمثال البرونزي الأشهر لصدام لحساب عسكري بريطاني احتفظ بقطعة البرونز بعدما هدم العراقيون تمثال الدكتاتور في نيسان 2003.

الرجل البريطاني الستيني اعتقلته الشرطة في مقاطعة ديربيشاير في وسط إنجلترا بتهمة انتهاك القوانين التي تنظم استيراد ممتلكات ثقافية عراقية بما في ذلك الآثار والقطع التي لها اهمية تاريخية أو دينية، باعتبار ان مؤخرة تمثال صدام تعد من الممتلكات الثقافية العراقية!
والرجل المعتقل يعمل لصالح شركة تتاجر بالتحف الحربية كانت تحاول العثور على زبون يشتري مؤخرة تمثال صدام لحساب الجندي البريطاني نايجل فلاي (52 سنة) الذي حصل على القطعة من جنود أميركيين كانوا شهوداً على إطاحة التمثال الذي حطمه العراقيون الغاضبون في ساحة الفردوس ببغداد.
عملية الاعتقال جاءت بعد مطالبة الحكومة العراقية بمؤخرة التمثال باعتبارها ملكية عراقية، وهي (العملية) أنقذت هذه الملكية "الثقافية" من التذويب وبيعها في محلات الخردة.
الجندي فلاي الذي كان يعمل مع طاقم تلفزيوني يوم حصوله على القطعة، أعرب عن شعوره بالصدمة لاعتقال الرجل وطعن في دعوى السلطات العراقية بأنها المالك الشرعي للقطعة، وتساءل: كيف يمكن لقطعة معدنية من تمثال دكتاتور أن تعتبر ملكية ثقافية وطنية؟ وأضاف ان التمثال صُنع لتمجيد "أكبر طاغية منذ أتيلا الهوني" (ملك تركي قديم)، واعتبر أن أخذ القطعة البرونزية من مؤخرة تمثال صدام شبيه بأخذ كتلة من جدار برلين، فهي جزء من التاريخ ولكنها ليست ملكية ثقافية.
باهتمام تابعت قصة القطعة البرونزية وما سببته من مشاكل للجندي وصاحبه الرجل الستيني. وبالطبع فأن الأمر لا يبدو لي كما يصوره الجندي الذي كان يأمل في بيع القطعة بربع مليون جنيه استرليني (400 الف دولار أميركي)، فكل ما يتعلق بالدكتاتور الراحل هو ملكية عراقية صرف ينبغي أن تؤول الى مالكها الوحيد، الشعب العراقي الذي تمثله دولته، لكن المفارقة الكبيرة في القضية أننا نجد الحكومة تلاحق جندياً هرّب قطعة من تمثال صدام فيما تهمل إهمالاً شديداً الإرث الحضاري العظيم لبلادنا والذي يضرب عميقاً في التاريخ الى ما يزيد عن ستة آلاف سنة.
في طول العراق وعرضه توجد مدن أثرية يتوق الملايين في العالم إلى زيارتها، ولا يعرف الملايين من العراقيين عنها إلا ما كُتب في بضع صفحات في كتب التاريخ المدرسية غير المشوّقة.
وعلى سبيل المثال فان في مدينة الحلة التي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن مدينة بابل الأثرية، لا يعرف معظم الشباب حتى موقع هذه المدينة العظيمة. ولا بد ان الحال كذلك بالنسبة للمدن السومرية والأكدية والآشورية وسواها. والسبب دائما وأبداً ان الدولة لا تُولي السياحة عموماً، وبخاصة السياحة التأريخية، الإهتمام اللازم، مع انها منجم ذهب حقيقي.
ولِمَ العجب؟ هل منتظر غير هذا من دولتنا الحالية التي لا تهتم بمصائر البشر الأحياء؟
 

المدى
العدد (2372) الأثنين 23/1/2012



 

 

free web counter