| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 23/11/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الخليّة البعثية

عدنان حسين

لم يكن العرض الذي أعدته وأخرجته وزارة الداخلية وبثّته قناة "العراقية" أول من أمس ناجحاً، بل كان بمثابة مسرحية مهلهلة. فقد أثار العديد من الأسئلة ولم يقدّم لها أجوبة، وهي أسئلة ليست من النوع التي يُطلقها عمل فني أو أدبي يهدف إلى إشراك المشاهد أو القارئ في التأمل والتفكير في مضمون العمل ودلالاته.

فكرة جيدة أن يجري الجمع بين المجرم وضحيته، في الأقل من أجل تعميق شعور المجرم بذنبه. وفكرة جيدة أن يعقد الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية السيد عدنان الأسدي مؤتمراً صحفياً يتضمن عرضاً لعدد من الإرهابيين القتلة أمام عدد من عائلات ضحاياهم ومواجهة مباشرة بينهم، وعرض هذا تلفزيونياً للتأثير في الرأي العام وتأليبه على الإرهاب والإرهابيين، لكن الاعتراض هو على ما وراء العرض برمّته من معلومات.
الذين عُرضوا هم بعض من خلية مرتبطة بحزب البعث مؤلفة من 200 شخص ومتورطة بعمليات قتل وتفجير في عدة محافظات قتل فيها أكثر من ثلاثة آلاف شخص، بحسب ما أُعلن في المؤتمر الصحفي الذي أفادت معلوماته بأن هذه الخلية ظلت تعمل بحرية منذ العام 2004، وانها مسؤولة عن عمليات كبرى هزّت ليس العاصمة بغداد والمدن المفجوعة الأخرى وحسب وإنما العراق كله بسبب جسامة الخسائر البشرية والمادية في معظم هذه العمليات، ومنها تفجيرات الشورجة والصدرية وسوق الغزل ووزارة الصحة والمطوّعين في قيادة شرطة بغداد وشارع حيفا والكرخ وعلاوي الحلة وعرس الدجيل وسوق الذهب في المنصور.
معلوم أن الأحزاب تتألف من خلايا متفرقة يختلف عدد أفرادها باختلاف علنية عمله وسريّته، فخلية الحزب العلني في بلاد ديمقراطية يمكن أن تضم عشرة أو أكثر من الأعضاء، لكن خلية الحزب السري حتى في البلاد الديمقراطية لا يمكن أن يزيد عديدها على بضعة أفراد، وذلك بسبب الخشية من الانكشاف لأجهزة الأمن والاستخبارات. وحزب البعث محظور في بلادنا ومحرّم عمله دستورياً، وأجهزة الأمن والقضاء تتعامل مع البعثي باعتباره إرهابياً، ومن المفترض أن هذا الحزب، وهو الذي خبر العمل السري في الماضي، لا يشكّل خلاياه إلا بأقل عدد من الأعضاء للمحافظة عليها من الانكشاف، فكيف تكون هناك خلية بعثية بمئتي عضو كما ظهر في المؤتمر الصحفي لوزارة الداخلية؟
الأهم من هذا: كيف ظلت هذه الخلية الكبيرة للغاية تعمل بحرية وترتكب أعمالاً إجرامية كبيرة كل هذه السنوات من دون أن تنكشف؟ أين كانت أجهزة الأمن والاستخبارات؟ لماذا لم تكن هذه الأجهزة في ملاحقتها للخلية البعثية بنفس الدرجة من الكفاءة والحماسة في ملاحقة نشطاء التظاهرات السلمية المطالبين بإصلاح النظام السياسي وتعديل مسار العملية السياسية ومكافحة الفساد المالي والإداري وتوفير الخدمات العامة الغائبة المُغيّبة؟
لا أظن اننا نحتاج من وزارة الداخلية إلى عروض تلفزيونية ضعيفة الإعداد والإخراج، فكل ما يلزمنا منها ومن غيرها الوقائع الصحيحة والمعلومات السليمة والأخبار الصادقة لنصفّق لها بحرارة وحماسة.


العدد (2311) الأربعاء 23/11/2011



 

 

free web counter