| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 23/6/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

زيباري .. مثالاً

عدنان حسين

قدمتُ أمس اقتراحا بتنظيم دورات يتأهل فيها كبار مسؤولي الدولة للتصرف كشخصيات عامة. وأرغب اليوم في تعزيز أطروحتي عن أن الشخصية العامة الحقيقية هي التي تواجه المواقف الصعبة بالحنكة وحسن التدبير، وتتلقى النقد بروح رياضية ورحابة صدر، وتتحمل حتى بعض التجاوز عليها بالتعالي على الصغائر ... تعزيزها بأنموذج من دولتنا الحالية، هو وزير الخارجية هوشيار زيباري.

السيد زيباري هو عميد وزراء العهد الجديد، فهو الثابت الذي لم يتحوّل بتحوّل الحكومة من يد إلى يد. وقد مضى على وجوده على رأس الدبلوماسية العراقية نحو ثماني سنوات. طوال هذه المدة غير القصيرة تعرّض الوزير زيباري ليس فقط إلى النقد وإنما أيضاً إلى حملات تعدٍّ وتشهير قوية، منظمة وعشوائية، من قوى مختلفة من داخل العملية السياسية ومن خارجها ومن صحف ومحطات إذاعة وتلفزيون وأشخاص. واجتمعت في تلك الحملات اتجاهات مؤتلفة وأخرى متناقضة : بعثية، قومية عربية، قومية تركمانية، إسلامية (شيعية وسنية)، كردية معارضة. وانطوت الحملات على اتهامات تمسّ وطنيته ومهنيته، بل تعدّى بعضها ذلك إلى حياته الشخصية أيضاً، فهي تراوحت بين الاتهام ب"تكريد" السفارات العراقية، أي ملئها بالدبلوماسيين والموظفين الكرد، و"التواطؤ" مع بعض الدول التي لديها مشاكل مع العراق كإيران والكويت، و"تمضية الليالي الحمراء" أثناء رحلاته الخارجية! .. وقد نُشر هذا وكثير غيره في صحف ورقية وإلكترونية وعبر محطات إذاعة وتلفزيون داخل العراق وخارجه.
أجزم ان السيد زيباري كان دوماً يعرف جيداً أن بوسعه التوجه إلى القضاء داخل البلاد وخارجها لرفع قضايا على كل الذين تناولوه في حملاتهم، وأجزم انه كان سيكسب الكثير من هذه القضايا، بيد انه تصرّف حيال كل ذلك باعتباره رجل دولة مسؤولاً وشخصية عامة منشغلة بالهمّ العام، فلم يبال بحملة الاتهامات تلك، وحسناً فعل لأنه لو اكترث لتلك الحملات وسعى لإقامة الدعاوى على منظميها ما كان سيجد وقتاً للقيام بواجباته الرسمية على الوجه الأكمل وما كانت وزارته ستحقق المنجزات الكثيرة والكبيرة المُسجلة لها في مجال اختصاصها.(هناك استثناء واحد هو أن الوزير زيباري أقام دعوى قذف وتشهير ضد نائب في البرلمان العام 2008 وكسبها).
في الدول الديمقراطية جميعاً عادة ما يتعرّض السياسيون وسواهم من الشخصيات العامة، بمن فيهم رؤساء الدول ورؤساء الحكومات، الى الشتائم والرمي بالبيض والطماطم .. هذه ممارسة غير حضارية بالطبع، لكنهم يتقبلونها على مضض باعتبارها جزءاً من ضريبة العمل العام. أما ما يُطرح في الصحافة وسائر وسائل الإعلام فان الشخصيات العامة المتحضرة تنظر اليه في الغالب من جانبه الإيجابي، فهي يمكن أن تنتفع بالملاحظات والانتقادات الموجهة حتى لو لم تكن صحيحة، لتقويم عملها وتحسين أدائها.
بودي أن أختم بتقديم نصيحة مجانية الى الناطق الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا الذي يبدو هذه الأيام مغتاظا ومتوتراً بعض الشيء بسبب كثرة التعليقات الصحفية على تصريحاته والانتقادات الموجهة الى أداء الأجهزة الأمنية، أن يسأل الوزير زيباري عن سرّ نجاحه في عمله ونجاح وزارته وتميّزها الواضح.
السؤال ليس عيباً، والمعروف أن الناس الأكثر نجاحاً وشهرة في العالم على مدى التاريخ هم الذين لا يترددون في السعي لإغناء معارفهم وخبراتهم بالسؤال والإستقصاء، وبالتدريب أيضاً حتى لو تطلّب الأمر الإلتحاق بدورة تأهيلية من النوع الذي اقترحته أمس وأعيده اليوم.



العدد (2169) الخميس 23/06/2011






 

 

 

free web counter