| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 23/2/ 2013                                                                      

 

شنــاشيــــل :

الإرهاب بـ 4 إرهاب

عدنان حسين 

كنا نحو ثلاثين مثقفاً وناشطاً مدنياً من النساء والرجال.. لم نموّه شخصياتنا، فلم نضع على وجوهنا أقنعة.. ارتدينا ثيابنا النظيفة المرتبة كعادتنا كل يوم.. لم يحمل أحد منا أي آلة جارحة أو حتى خادشة للجلد، كعيدان تنظيف الأسنان أو الآذان مثلاً.. كل ما حملناه هو مجموعة أوراق كتبنا على إحداها مذكرة إلى السفير الإيراني في بغداد، فيما البقية حملت أسماء وتوقيعات تسعين شخصاً من المثقفين والناشطين.
المذكرة تضمنت بضعة سطور رجونا فيها سعادة السفير أن يساعد في الكشف عن مصير المفكر أحمد القبانجي المعتقل منذ نحو أسبوع في إيران، وأن يبذل جهوده لإطلاق سراحه في الحال، مع مقدمة وخاتمة تحملان معاني الاحترام.
توجهنا إلى السفير ليس بدعة فهو أرفع ممثل لبلاده في بلادنا، ومن واجبات السفير أن يستقبل من لديهم قضية مع سلطات بلاده.
كنا نأمل أن نلاقي الترحيب من طاقم السفارة الإيرانية، وأن نسمع كلاماً طيباً، كما تفعل عادة كل السفارات التي تحترم نفسها وتمتلئ بالولاء لوطنها ودولتها. وللأسف لم يتصرف طاقم السفارة على هذا النحو يوم الخميس، فحرس المبنى أغلقوا الباب في وجوهنا بسرعة الضوء ولم يردوا على سؤالنا: هل يمكننا أن نقابل مسؤولاً في السفارة؟
وقفنا لبعض الوقت بجوار الحائط الكونكريتي الحامي لمبنى السفارة، كررنا خلاله القرع على باب السفارة ولا مجيب.
في هذه الأثناء تزايد عددنا إلى نحو مئة، واضطرنا موقف السفارة السلبي الذي توقعناه في الواقع الى رفع شعارات وإطلاق هتافات تطالب بإطلاق السيد القبانجي.
بعد نحو نصف ساعة جاءتنا قوة من الجيش.. أرادتنا ان نتفرق فأفهمناها بأننا لا ننظم تظاهرة وإنما نسعى لأن تقابل مجموعة صغيرة منا السفير الإيراني او من ينوب عنه. قائد المجموعة بدا متفهما لموقفنا.. توصلنا إلى اتفاق معه بأن يسمح لأربعة أو خمسة منا تسليم المذكرة وان يتفرق شمل الآخرين، وهذا ما كان، ولكن القوة المسؤولة عن حماية السفارة لم تسمح إلا لثلاثة منا بالدخول، بل إننا اكتشفنا أنهم أدخلونا إلى غرفة مسؤولهم في وحدة حماية السفارة وليس إلى السفارة.
هذا المسؤول أراد أن يخيفنا في ما يبدو، فهو استهل كلامه بأننا نظمنا تظاهرة غير مرخصة وإننا بذلك نقع تحت طائلة المادة (4) من قانون مكافحة الإرهاب!!
لا أدري إن كان هذا القائد قد اطلع على قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005، فالمادة الأولى منه تُعرّف الإرهاب بأنه "كل فعل اجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة استهدف فرداً أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أوقع الأضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الاخلال بالوضع الأمني أو الاستقرار والوحدة الوطنية أو ادخال الرعب أو الخوف والفزع بين الناس أو اثارة الفوضى تحقيقاً لغايات إرهابية". وبالطبع فان ما قمنا به لا يدخل في اطار الافعال الإجرامية العادية ولا يقترب بأي درجة من الأفعال الارهابية التي حددتها المادة (2) من القانون. ولا أدري كيف استسهل هذا القائد التلفظ بـ(4) ارهاب، وهي مادة تحكم بالاعدام على من ارتكب فعلا إرهابياً وبالسجن المؤبد على من أخفى إرهابياً أو تستر على عمل إرهابي.
الترهيب بـ"4 إرهاب" على هذا النحو انما يوسّع الشق في العلاقة بين القوات المسلحة والناس.. انه يعكس عقلية استبدادية وقمعية من نمط العقلية التي كانت سائدة في عهد صدام... لماذا عارضنا صدام إذن؟


المدى
العدد (2732)  23/2/2013



 

 

free web counter