| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأحد 23/10/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

 الوجود الأميركي.. مبرر أم ذريعة؟

عدنان حسين

"الانسحاب الأميركي سيُزيل كل المبررات التي تنطلق منها العناصر الإرهابية والقاعدة، وكل القلق والشك من البعض". هذا كلام منطقي، قائله هو رئيس الوزراء نوري المالكي الذي كان يتحدث أمس في مؤتمر صحفي غداة اتصال بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما عبر دائرة تلفزيونية مغلقة.

هذا الاتصال ركّز، كما أعلن أوباما أولاً وأكّد المالكي تالياً، على الالتزام بسحب كامل للقوات الأميركية قبل نهاية العام الحالي تطبيقاً لاتفاق سابق بين الجانبين. وبذا يكون تأكيد الانسحاب قد أخذ الطابع الرسمي من الطرفين.
والآن عندما يحين اليوم الأول من العام الجديد (2012) ويكون كل الجنود الأميركيين قد أصبحوا خارج الحدود، هل سيُعيد الإرهابيون، من تنظيم القاعدة وغيره، سيوفهم وسكاكينهم إلى أغمادها ومسدساتهم الكاتمة إلى أقربتها وبنادقهم إلى مشاجبها؟ وهل سيكفّوا عن التفخيخ بالمتفجرات القاتلة المدّمرة في الأسواق والمدارس والمستشفيات والجوامع والكنائس ومراكز الشرطة ونقاط التفتيش العسكرية؟
في الأشهر الأخيرة زاد الإرهابيون من وتيرة عملياتهم ضد المدنيين وعناصر الجيش والشرطة. ومن بين عشرات الهجمات القاتلة لم يسقط عشرة جنود أميركيين فيما قُتل مئات العراقيين وجرح مئات غيرهم، معظمهم مدنيون، وتدمرت ممتلكات عامة وخاصة.
هذه الوقائع تؤكد أن الوجود العسكري الأميركي لم يكن إلا ذريعة واهية، أما الحقيقة فشيء آخر مختلف. الأعمال الإرهابية التي تجري منذ سنوات يتعلق جزء منها بمحاولة إسقاط النظام الحالي وإعادة النظام السابق أو إقامة نظام إسلامي متطرف، فيما الجزء الآخر من هذه الأعمال يرتبط بالصراعات السياسية بين القوى الطامعة بالسلطة والنفوذ والمال، وهي قوى السلطة نفسها المتشاركة بمقاعد البرلمان والحكومة وهيئات الدولة المختلفة، فكلٌّ من هذه القوى يرى نفسه أحقّ من غيره بالمغانم والامتيازات التي توفرها مقاعد السلطة. وبدلاً من الركون إلى الوسائل السياسية للصراع لا تتورع هذه القوى عن استخدام السلاح القاتل والمدمّر، مستعينة بعناصرها المبثوثة داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية وفقا لنظام المحاصصة.
أخشى أن يكون ما أعلنه رئيس الوزراء تفكيراً عاماً لدى مسؤولي الدولة كلهم، وهو بالتأكيد تفكير غير سديد، فالركون إليه سيعني التهاون مع القوى الإرهابية الموجودة خارج السلطة وداخلها.
الانسحاب الأميركي الكامل في حدّ ذاته لا يقضي على المبررات والذرائع التي تتحجج بها القاعدة وسائر الإرهابيين، فما ينزع هذه المبررات أن تعمل مؤسسات الدولة بطريقة مختلفة عمّا عملت وفقاً له حتى الآن.
الإرهابيون لا ينزلون من السماء.. إنهم عراقيون في الغالب، تغريهم التنظيمات الإرهابية إلى صفوفها بالمال في الغالب أيضاً. ولذا فان مكافحة الفساد المالي والإداري، ووضع حد لنظام المحاصصة في وظائف الدولة العليا والدنيا، ومعالجة مشاكل الكهرباء وسائر الخدمات العامة والحدّ من مستويات الفقر والبطالة والأمية، من شأنها أن توفّر حياة كريمة للناس سيدافعون عنها بحماسة بدلاً من أن يتحولوا إلى أدوات قتل في أيدي الإرهابيين.


العدد (2286) الأحد 23/10/2011






 

 

 

free web counter