| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 22/5/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الاتجار بالبشر.. عندنا أيضاً

عدنان حسين   

افتتح أمس في منتجع دوكان (السليمانية) مؤتمر دولي للبحث في الآليات والإجراءات الفاعلة لمكافحة واحدة من أخطر الظواهر الاجتماعية السلبية في العالم. إنها ظاهرة الاتجار بالبشر التي غدت استثماراً يدرّ مليارات الدولارات على العصابات التي تديره وتنظمه في طول العالم وعرضه.

والاتجار بالبشر ليس نوعاً واحداً، فهو يضمّ قائمة طويلة من العمليات التجارية المشينة كخطف وبيع الأطفال وإرغام النساء على ممارسة الدعارة وتهريب العمال الأجانب إلى مراكز العمل في ما يشبه العبودية والسخرة. وتتراوح تقديرات أعداد ضحايا هذا البزنس القذر بين 15 مليون و25 مليون نسمة. وكما سمعنا في مؤتمر دوكان فان الأرباح الناجمة عن هذا البزنس تُقدّر بنحو 25 مليار دولار سنوياً.
المؤتمر الذي يستمر يومين وينظمه "التحالف الدولي من اجل العدالة" مع منظمات أخرى، يُشارك فيه مسؤولون وباحثون وإعلاميون عراقيون إلى جانب أكثر من عشرين من الأجانب بينهم ممثلو منظمات دولية ذات علاقة، بما فيها المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وهو من تنظيم
في عهد النظام السابق كان محرّماً الحديث في هذا الموضوع عبر الإعلام خصوصاً، فالعراق في ظل صدام حسين لم يكن يعرف أي شائبة، كما كان صدام وأعوانه يشيعون. لكن الأمر اختلف الآن، فثمة اعتراف بوجود هذه الظاهرة في مجتمعنا، وهذا ما أكده تشريع قانون لمكافحة الاتجار بالبشر منذ أسابيع. الاعتراف بالمشكلة أو الظاهرة الاجتماعية السلبية أساس لحلها ومكافحتها، فما لم تعترف بوجود مشكلة لن تستطيع أنت او غيرك البحث عن حل لها وبالتالي إيجاد هذا الحل.
الأوراق التي قدمها المشاركون الأجانب كانت حافلة بالأرقام والمعطيات عن حجم الظاهرة وعواقبها في العالم، لكن أوراق المشاركين العراقيين لم تكن كذلك. وهذا يرجع إلى عدم توفر المعطيات الكافية عن هذه الظاهرة في بلادنا، وكيف تتوفر المعطيات والكل لا يرغب في الاقتراب من هذه القضية وبحثها عن قرب؟ وكيف تتوفر المعطيات فيما لا تهتم دولتنا بقضايا الإحصاءات والاستطلاعات، بدءاً من الإحصاء السكاني المؤجل إلى حين غير معلوم وانتهاء بالإحصاءات الخاصة المتعلقة بحقل من الحقول أو قضية من القضايا.
بل إن مسؤولي دولتنا غالبا ما يسعون إلى التهوين من مديات الظواهر السلبية. وقد حاولت شخصياً الحصول عبر الانترنت على معطيات تتعلق بالموضوع الذي ينعقد من أجله مؤتمر دوكان فلم أجد إلا النزر اليسير. وبين ما وجدته تصريحات لمسؤولين حكوميين ونواب تطعن في صدقية تقارير دولية تؤكد أن الاتجار بالبشر موجود في العراق الذي تُصدّر عصابات الجريمة المنظمة فيه نساء لأجل الدعارة القسرية إلى الدول المجاورة ودول الخليج، وانه يجري استجلاب عمالة أجنبية لتشغيلها داخل البلاد في ظروف استعبادية.
دولتنا غير شفافة. هكذا كانت في عهد صدام ولما تزل تتمسك بعناد بتقاليد وقوانين ذلك العهد. ومثلما لم يحل عدم الشفافية مشكلة في العهد المباد، بل جعل المشاكل تتناسل على نحو خطير، فان مشكلة الاتجار بالبشر وعشرات المشاكل الأخرى التي يواجهها مجتمعنا لن تأخذ طريقها الى الحل... لا بد من الإقرار الواضح بأننا نواجه هذه المشاكل لنكتشف الطرق إلى حلها.
 

المدى
العدد (2490) الثلاثاء 22/5/2012



 

 

free web counter