| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 22/6/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

دورات تأهيلية لكبار المسؤولين

عدنان حسين

تحتاج الحكومة إلى أن تتفق مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وسواهما من الهيئات والمنظمات الدولية ذات العلاقة لعقد دورات متعاقبة ينتظم فيها كبار المسؤولين في الدولة وتتولى تأهيلهم للتصرف باعتبارهم شخصيات عامة في نظام ديمقراطي. من الواضح أن معظم هؤلاء المسؤولين يجهلون ما تعنيه الشخصية العامة وكيف تتصرف كشخصية عامة في ظل النظام الديمقراطي، فقد كثر في الفترة الأخيرة لجوء مسؤولين إلى القضاء للشكوى على برلمانيين وصحفيين ومؤسسات إعلامية بتهمة نشر معلومات كاذبة أو مسيئة مطالبين بمبالغ مالية طائلة، معتقدين أنهم بهذا يمكنهم أن يزرعوا الخوف في نفوس البرلمانيين والصحفيين والمؤسسات الإعلامية فلا يتكرر توجيه النقد والمساءلة لهم علناً، فالقضايا المرفوعة تتعلق في معظمها بمقالات رأي وتحليلات.
منذ أيام خسرت المفوضية العامة للانتخابات دعوى ضد عضو مجلس النواب حنان الفتلاوي التي استجوبت رئيس المفوضية في البرلمان بشأن قضايا فساد في المفوضية. والواقع إن قرار المفوضية برفع الدعوى ضد السيدة الفتلاوي كان أخرقاً، فمن أول واجبات عضو البرلمان مراقبة أعمال الحكومة والهيئات المستقلة واستجواب الوزراء ورؤساء هذه الهيئات وحتى رئيس الحكومة نفسه.
ومن قبل خسر أيضاً عدة مسؤولين قضايا رفعوها على صحفيين ومؤسسات إعلامية، فقد انتصر القضاء لحق الصحافة في إبداء الملاحظات وتوجيه النقد للشخصيات العامة في ما يتعلق بنشاطهم العام، وهو حق مكفول بموجب الدستور مثلما هو مكفول حق الرد لمن يتناولهم النقد أو تتعلق بهم المعلومات المنشورة عبر وسائل الإعلام.
المسؤولون في دولتنا يريدون من الإعلام أن يتعامل معهم لا بصفتهم شخصيات عامة وإنما كما لو كانوا ملائكة أطهاراً.. يرغبون في نشر الأخبار والمعلومات والآراء التي تجمّل صورهم فقط.
قبل خمسة أسابيع اعتقلت الشرطة الفيدرالية الأميركية المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس- كان بعدما اتهمته عاملة فندق كان يقيم فيه بالتحرش الجنسي بها. المسؤول الدولي نفى التهمة جملة وتفصيلاً لكنه مع ذلك تصرّف باعتباره شخصية عامة، فقد قبل بالإجراءات القضائية واستقال من منصبه حتى لا تؤثر القضية برمتها، سواء كانت صحيحة أو مغلوطة، على سمعة الهيئة الدولية التي يترأسها، والأهم من هذا انه لم يقم الدنيا ولا يقعدها على الإعلام الذي تابع أخبار القضية بالتفاصيل المملة ونشر التحليلات والآراء بشأنها.
حتى الآن لم تثبت التهمة على ستراوس – كان المقيم إجبارياً في نيويورك حتى يحين موعد المحاكمة، فهو لم يزل بريئاً وسيظل كذلك إلى أن تنطق المحكمة بخلاف ذلك.
ستراوس – كان لم يُغظه تناول الإعلام لقضيته ونشره اتهامات عاملة الفندق التي يمكن أن تكون كاذبة وملفّقة وتقف وراءها أهداف غير شريفة مثلما يمكن أن تكون صحيحة ومؤكدة، ذلك أن ستراوس – كان يدرك انه شخصية عامة وانه بهذا عرضة للمراقبة والملاحظة والملاحقة الإعلامية والنقد أكثر من غيره، ويدرك أن الإعلام ينشر الأخبار السيئة المتعلقة به مثلما ينشر الأخبار الجيدة، لأنه (الإعلام) إنما يقوم بواجبه تجاه المجتمع، وواجب الإعلام ليس تلميع الصورة وإنما عرضها كما هي.
الدورات التي أقترحها هنا ستُعلم المسؤولين في الدولة، وبينهم الناطق باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا الذي رفع للتو دعاوى ضد مؤسسة "المدى" وعدد من الزملاء فيها، إن رفع دعوى ضد صحفي أو مؤسسة إعلامية يكون في حال تعرض هذا الصحفي أو المؤسسة لحياته الشخصية أو الطعن في ذمته المالية أو شرفه الشخصي، أما ما يتعلق بعمله ونشاطه ومواقفه كشخصية عامة، وبالذات تصريحاته الصحفية، فحق مكفول للإعلام أن يتناوله بالطريقة التي يجتهد فيها، فإذا لم يعجبه (اللواء عطا) هذا الاجتهاد فله حق الرد، وإذا الأمر برمته لا يرغب فيه اللواء عطا فليس أمامه إلا أن يتخلى عن شخصيته العامة ويلزم بيته حيث لن يكون مسموحاً لأي كان أن يتناوله في شيء، إلا إذا خرق النظام والقانون مثلاً.
 



العدد (2168) الأربعاء 22/06/2011






 

 

 

free web counter