| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 21/1/ 2013                                                                      

 

شنــاشيــــل :

قصة نجاح.. لماذا لا تتكرر؟

عدنان حسين

لا يعصى على هيئة النزاهة أن تلاحق الفاسدين وأن تقدمهم إلى العدالة لينالوا الجزاء الذي يستحقون. فالهيئة لديها كل الصلاحيات والوسائل الكفيلة بتمكينها من أداء الوظيفة التي حُددت لها والواجب المكلفة به.

هذا ما تأكد أمس بإعلان الهيئة أن محكمة جنايات الرصافة حكمت على موظفة في أمانة بغداد مدانة باختلاس نحو 14 مليار دينار، بالسجن المؤبد ومصادرة أموالها (الحرام) المنقولة وغير المنقولة بعد اكتساب الحكم درجته القطعية.

ولا يعصى على القضاء أن يجلب إلى العدالة مرتكبي الجرائم، بمن فيهم سارقو المال العام حتى لو كانوا من الموظفين الكبار في الدولة، فلديه أيضاً المكنة للاضطلاع بواجبه. وهذا ما اثبته الحكم الصادر عن محكمة جنايات الرصافة ذاته وأعلنت عنه هيئة النزاهة.

ولا يعصى على السلطة التنفيذية أن تساعد هيئة النزاهة والقضاء في جمع الأدلة والإثباتات التي تدين المجرمين، بمن فيهم مختلسو المال العام وهم في الغالب من الموظفين الكبار في السلطة التنفيذية، وأن تقبض عليهم حتى لو هربوا الى خارج البلاد وجلبهم الى العدالة. وهذا ما دللت عليه قصة الكشف عن اختلاس موظفة أمانة بغداد وملاحقتها واعتقالها مع عدد من المتورطين معها بمساعدة الشرطة الدولية (انتربول).

قصة النجاح هذه التي سجلتها هيئة النزاهة والسلطة التنفيذية والقضاء، خلفها يكمن قرار صحيح وسليم بالقبض على حرامية أمانة بغداد. بيد ان هذه الحرامية ليست سوى واحدة من مئات من أمثالها مازالوا طليقين، بل ان بعضهم يتابع الآن عمله في دوائر الدولة ويواصل سرقة المال العام من دون خوف من ملاحقة، لأنه بكل بساطة محميّ من حزبه أو ميليشياه أو أولي نعمته وشركائه من كبار المسؤولين في الدولة وحاشياتهم.

تستطيع هيئة النزاهة والقضاء والسلطة التنفيذية أن تحدّ من الفساد المالي والاداري، ثم أن تجتثه الى حد كبير وكلياً أيضاً، إن أرادت وعزمت على تنفيذ إرادتها. والمشكلة الحقيقية هي في هذه الإرادة، وبخاصة من جانب السلطة التنفيذية المستعمرة الأكبر للفساد المالي والإداري.

من الواضح ان السلطة التنفيذية تعوزها الإرادة، ربما لأن كبار الفاسدين على علاقة بأركانها وقيادات مكوناتها وكتلها وائتلافاتها. أقوى دليل على هذا وضع وزير التجارة الأسبق المحكوم حكماً قاطعاً بالفساد، فقد سُمح له بمغادرة البلاد في ما يشبه عملية التهريب العلنية بعلم قيادة السلطة التنفيذية. وهو يتنقل الآن بين العواصم يدير أعماله بكل راحة، مطمئناً الى عدم وجود إرادة بملاحقته، والأسباب لا تخفى على أولي الألباب.


المدى
العدد (2705)  21/1/2013



 

 

free web counter