| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 21/6/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الحال من بعضه

عدنان حسين   

من كتّاب الأعمدة المتميزين في الصحافة الكويتية الأستاذ أحمد الصراف صاحب "كلام الناس" في "القبس" والذي لأسباب فنية تعثر مشروع نشره في "المدى"  بالتزامن مع الصحيفة الكويتية. انه كاتب من طراز الراحلين أحمد الربعي ومحمد مساعد الصالح (مما يجمع بين الثلاثة هواهم بالعراق).

الأستاذ الصراف  لاحظ في عمود أول من أمس ان الكويت تحفل بـ "1500 مسجد ومئات مراكز الدعوة والهداية الدينية وتحفيظ القرآن ومسابقاته وجوائزه، إضافة الى محاضرات دعوية في المساجد والمولات والمعسكرات الصحراوية، هذا غير قيام مئات آلاف المؤمنين سنوياً بزيارات دينية لاكثر الأماكن قدسية لدى المسلمين"، فضلا عن زيارات عشرات (الشخصيات الدينية) الى الكويت كل عام لإلقاء المحاضرات، و"مئات البرامج الدينية في التلفزيون والإذاعة التي تدعو الى سواء السبيل، كما لا ننسى هنا دور الصفحات الدينية في مختلف المطبوعات والمجلات، بخلاف ما تقوم به مئات الجمعيات الخيرية من أنشطة دعوية وطبع ونشر وتوزيع مئات آلاف الكتب والمنشورات والكتيبات التي تحث على حسن الخلق والاستقامة والزهد في الدنيا وفعل الخير وتجنب المعاصي، وغير ذلك كثير!".

لكنه يتنبّه ويُنبّه الى ان هذا الطوفان الديني لم يؤد بأي حال الى زيادة التحلي بمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، بل انه  زاد من "ارتكاب المعاصي والجرائم الجنسية وجرائم الفساد والرشوة بمعدلات فاقت معدلات زيادة السكان أو التنوع العرقي والإثني بكثير"، بالرغم من ان الكويتيين يتمتعون "بأعلى مستوى معيشة في العالم" ولا يوجد بينهم شخص واحد من دون عمل او راتب.

الاستاذ الصراف يتساءل بحرقة عن الخلل، ويخلص الى أن "العبرة ليست في عدد المساجد وحجمها ولا بتكرار مسابقات القرآن وجوائزها ولا برحلات الحج والعمرة وفخامتها، ولا بتعدد الجمعيات الدينية ومجالسها، ولا بكثافة الدروس الدينية في المناهج الدراسية وتشعبها، فكل هذه «قد» تخلق شخصا متديناً ولكن، حسبما هو واضح، لا يمكنها أن تخلق مواطناً صالحاً".

هذه المفارقة، المحنة في الواقع، لا تختصّ بالكويت وحدها، فكلنا في الهوا سوا. كل بلاد العرب والمسلمين هي كالكويت في هذا الخصوص. وهنا في العراق لدينا الحال عينها. بل أكثر من هذا ان تراجع التحلي بفضائل الأخلاق يجتاح أوساطاً دينية ودينية – سياسية أكثر من سائر الأوساط، فكبار الفَسَدة مالياً وادارياً في دولتنا يرتبطون ارتباطا وثيقاً بالأحزاب والجماعات الدينية السياسية، وهم ذوو نفوذ وسلطان فيها.

يتداول الناس حكايات لا عدّ لها ولا حصر عن نواب ووزراء ومدراء ورؤساء مؤسسات من قيادات وكوادر الاحزاب الاسلامية يسرقون وينهبون من المال العام، ويشترون العقارات في شتى بقاع العالم وبخاصة أغلاها، أو يتهالكون على "الزواج" المؤقت من الفتيات، وبخاصة اللائي يعملن في مكاتبهم أو يتعاملن معهم من خارج وزاراتهم ومؤسساتهم، وبينهن إعلاميات يحكي بعضهن عن تلقيهن دعوات من نواب ومسؤولين في الدولة لقضاء عطلات قصيرة معهم في لبنان وسواه تحت شعار "زواج المتعة" و"زواج المسيار" وسواهما أو حتى من دونهما.

الأستاذ الصراف .. حالنا جميعاً من بعضه، فالمفارقة – المحنة عامة شاملة... تأكد من هذا.

 

المدى
العدد (2515) الخميس 21/6/2012



 

 

free web counter