| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 20/10/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

مناصب للبيع في دولتنا!

عدنان حسين

نحن دولة فاشلة. قد يُنكر هذا كبار مسؤولي دولتنا. لهم الحق في هذا بالطبع، فهم أكبر المستفيدين من هذه الدولة التي تبدو في عيونهم ناجحة بدرجة الامتياز، فهي بالنسبة لهم بقرة حلوب، وما دامت تدرّ عليهم الموارد المالية الكبيرة (رواتب ومخصصات ورشى عن عقود المشاريع) والمزايا والامتيازات الكثيرة، فهي دولة ناجحة مثل البقرة المدرارة.

لكنها مع ذلك وبرغم ذلك دولة فاشلة من دون شك أو ريب. ومن علامات فشلها ان وكلاء الوزارات فيها وغالبية قادة الأجهزة العسكرية والأمنية يشغلون وظائفهم بالوكالة منذ سنوات، وهذا أمر يتعارض مع أحكام الدستور(ما أكثر أفعال حكومتنا وبرلماننا الخارجة على أحكام الدستور!). والآن يتبيّن لنا ان هناك جيشاً جرّاراً من المدراء العامين في هذه الدولة يحتلّون مناصبهم بالوكالة أيضاً. فعضو مجلس النواب سليم عبدالله الجبوري كشف هذا الاسبوع، استنادا الى معطيات لجنة النزاهة البرلمانية، عن وجود ثلاثة آلاف مدير عام في دولتنا يشغلون وظائفهم بالوكالة.
من المفروض ان يمثل المدير العام الداينمو في مؤسسته وعصبها الرئيس وعقلها المفكّر والمدبّر والمسيّر. ومن المفروض ان أي مؤسسة أو إدارة لا تستقيم أمورها ولا ينتظم أداؤها ويتطور من دون مدير عام كفء ومتفرغ ومتمتع بصلاحيات كاملة. لكن بخلاف هذين المفروضين فان في دولتنا ثلاثة آلاف إدارة عامة لا تتمتع بما يُفترض أن تتمتع به، وهو وجود مدير عام أصيل على رأسها. هذا يعني ان ثلاثة آلاف إدارة عامة لا تمضي فيها الأمور كما يجب، فالمدير بالوكالة ليست لديه القدرة الكاملة على اتخاذ القرارات كما المدير الأصيل.
اذا كان هؤلاء المدراء بالوكالة هم أكفأ مَن في مؤسساتهم فلماذا لا يُعيّنوا مدراء أصلاء، خصوصاً وان أكثرهم أمضى في منصبه بالوكالة أكثر من خمس سنوات ؟ أما اذا كانوا ليسوا بالكفاءة اللازمة ليكونوا مدراء عامين أصلاء فهل خلت الدولة العراقية ممن يستحقون أن يشغلوا هذه المناصب بالأصالة؟
أظن ان مفتاح القضية يكمن في شيء آخر تكشف عنه حكاية أحد هؤلاء المدراء العامين بالوكالة البالغ عددهم ثلاثة آلاف. هذا المدير العام بالوكالة عُرِض عليه أن يُصبح مديراً عاماً أصيلاً، ولكن عليه أن يدفع 250 ألف دولار مقابل المنصب.
لا بدّ ان هذا المدير العام بالوكالة ليس هو الوحيد من بين الثلاثة آلاف من نظرائه ممن عُرِض عليه شراء منصب المدير العام بالأصالة بربع مليون دولار. هذه الحكاية تتوافق وتستقيم مع ما عرفناه بعد ترشيق الحكومة حيث طالب بعض الوزراء المرشقون كتلهم السياسية بإعادة أموال دفعوها اليها مقابل حصولهم على المناصب الوزارية.
نحن دولة فاشلة. ومن أسباب فشل دولتنا انها فاسدة، ومن المظاهر الفاقعة لفسادها ان المناصب فيها بضائع لها سوق خاصة بها تجري فيها عمليات البيع والشراء المعتادة في أسواق البضائع.
 


العدد (2283) الخميس 20/10/2011






 

 

 

free web counter