| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء  1 / 10 / 2014                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

أندلس داعش .. بالمقلوب

عدنان حسين             

هي نكتة ولا شك، تلك التي أطلقها تنظيم داعش أخيراً.. نكتة سمجة، فالتنظيم الإرهابي يهدد إسبانيا والبرتغال بتحويلها الى أندلس جديدة في غضون خمس سنوات من الآن(!) بحسب ما نشرته أخيراً صحيفة "أي بي سي" الإسبانية.

التنظيم أرسل عبر الإنترنت رسائل وصوراً وتسجيلات تهديدية أثارت مخاوف في شبه القارة الآيبيرية من إقدام التنظيم على عمليات إرهابية ربما يظن انها تمهّد لقيام ولاية له هناك بعد أن يمدّ دولته من العراق وسوريا الى المغرب.

بالطبع ليس المعنى في تهديد داعش انه ينزع لإقامة أندلس على غرار الأندلس القديمة "المضاعة" .. تلك الأندلس كانت رافعة كبيرة في تاريخ الحضارة الإنسانية .. تلك الأندلس كانت على مدى قرون واحة وارفة الظلال للعلم والمعرفة والتعايش السلمي بين أبناء الديانات الثلاث الكبيرة، ازدهرت فيها العلوم والمعارف والآداب والفنون وأعمال الهندسة والعمران.. بذلك كانت الأندلس المعبر العالمي نحو الحضارة الحديثة المذهلة في تطورها المتسارع.

ماذا لدى داعش ليقدمه الى أوروبا انطلاقاً من أندلسه الموعود، بافتراض ان "السماء" ستمدّه، في مواجهة الحملة الأممية عليه، بطير أبابيل وحجارة من سجّيل وبالجند الذين لا يراهم بالعين المجردة سوى خليفة "دولة الخرافة"؟
مشروع داعش، كما القاعدة وسائر المنظمات الأصولية المتطرفة، يقوم على تدمير الحضارة الراهنة التي تمتد بجذورها الى الأندلس وبغداد العباسية، والعودة الى بطون الصحراء وتقاليدها الهمجية .. وفي قاموس هذه المنظمات لا مكان للتسامح والسلام والتعايش والتعاون، فالدواعش وأضرابهم ذبّاحون، هدّامون.

منذ سنوات كنت وزوجتي في رحلة سياحية الى "أندلثيا" (الأندلس)، وزرنا في ما زرنا غرناطة وقصرها الأحمر المحتفظ حتى اليوم ببهاء الحضارة التي شيّدته على تلك الأرض .. تنهّدت زوجتي ذات لحظة وقالت "هذه شواخص الأجداد نأتيها سواحاً فحسب".. قلت لها: انها هنا في الحفظ والصون كما ترين، موظفوها وعمالها الإسبان يعاملونها كما لو كانت حدقات عيونهم، يزورها يومياً عشرات الآلاف من مواطني قارات الكوكب المختلفة .. تخيّلي حالها لو كانت في العراق مثلاً، أو تصوري مآلها لو كانت الأندلس تحت حكم تنظيم اصولي متطرف كالقاعدة وداعش!

في العراق وسوريا، وقبلهما في أفغانستان، كانت الشواخص الحضارية، من طراز قصر الحمراء الغرناطي، أهدافاً رئيسة لأعمال داعش والقاعدة الإرهابية.

بالتأكيد إذا ما وصلت "دولة الخرافة" الى إسبانيا والبرتغال، فإنها ستقيم أندلساً جديدة .. أي أندلس؟ .. انها الأندلس بالمقلوب تماماً.


المدى
العدد (3187) 1/10/2014

 

 

free web counter