| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 1/2/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

لا تُزعجونا .. رجاءً

عدنان حسين

ينزعج مسؤولو الحكومة أشد الانزعاج إذ يُشار في الإعلام والمحافل السياسية إلى تصرفاتٍ لهم تشبه تصرفات صدام حسين وأقطاب نظامه والى سلوكيات وإجراءات للمؤسسات والأجهزة الحكومية تماثل ما كانت تفعله مؤسسات نظام صدام وأجهزته. وثلاثة أرباع غضبة رئيس الوزراء الشديدة على أحد نوابه ترجع إلى مقارنة هذا النائب رئيسه الحالي بصدام.

مفهومة ومُبررة تماماً غضبة نوري المالكي على صالح المطلك، فالمقارنة مع صدام لا بدّ أن تشقّ كثيراً على أي شخص ممن عارضوا صدام ونظامه وكافحوا من أجل الخلاص منهما. ولكن من اللازم أيضاً أن يشقّ كثيراً على السيد المالكي وغيره من معارضي نظام صدام، استمرار المؤسسات والأجهزة الحكومية لنظام ما بعد صدام في السلوك والتصرف كما لو لم يحدث تغيير كبير في تاريخ البلاد وحياة الناس منذ التاسع من نيسان 2003، وكما لو أن هذه المؤسسات والأجهزة هي مؤسسات نظام صدام وأجهزته وليست مؤسسات نظام ديمقراطي محكومة بدستور يحظر على نحو قطعي وبات كل فعل وسياسة ونهج وتصرّف مما كان سائداً في عهد النظام السابق الدكتاتوري الشمولي القمعي.
منذ مدة اشتكى موظفون في عدد من المؤسسات الحكومية من إن إدارات مؤسساتهم طلبت منهم تقديم معلومات لها طابع أمني بتعبئة استمارات على غرار تلك التي اعتاد النظام السابق على تعميمها على دوائر الدولة ومؤسسات القطاع الخاص سنوياً.
والآن، كما جاء في تقرير نُشر أمس، فأننا نجد حتى الأجهزة الأمنية في النظام الحالي ترفع الصوت مشتكية من وجود أسئلة عن القومية والدين والمذهب والتوجهات السياسية في الاستمارات المُقدمة إلى المتطوعين في هذه الأجهزة والى العاملين فيها، وهي أسئلة تشمل حتى أقارب المتطوعين والمنتسبين.
هذا إجراء مُشين للغاية.. بوليسي وقمعي وإرهابي.. مهين للكرامة الوطنية وللكرامة الشخصية، وقد كان ممارسة روتينية لنظام صدام الذي لم يكن يُعير اهتماماً للكرامة، وطنية كانت أم شخصية، وهي ممارسة ثبت عدم جدواها فنظام صدام الذي طبّقها على أوسع نطاق لم يعد قائماً، وفي العالم لم يبق إلا القليل من الأنظمة الشبيهة بنظام صدام، وثمة مَن يترنح منها الآن بانتظار ساعة السقوط.
سؤال الناس عن قوميتهم ودينهم ومذهبهم واتجاههم السياسي لأغراض لا تتعلق بالإحصاءات والبيانات الضرورية للخطط الاقتصادية والاجتماعية، شيء مزعج للغاية لهؤلاء الناس، يُشعرهم بالإهانة ويُذكّرهم بحقبة بغيضة من تاريخهم، كما هو مزعج ومؤلم للغاية ألاّ يتلمس هؤلاء الناس التطور الذي كانوا يأملونه في حياتهم، برفع مستوى المعيشة وتوفير الأمن وتأمين الخدمات الأساسية (الكهرباء والماء والصحة والتعليم والصرف الصحي والنقل) ومكافحة الفساد والفقر والبطالة وضمان ممارسة الحريات والحقوق المكرسة في الدستور.. الخ.
حتى لا تنزعجوا، أيها المسؤولون الحكوميون وأيها السياسيون المتنفذون، ولا تتعكر أمزجتكم، كفّوا عن إزعاجنا وعن إيلامنا بالتصرفات والسلوكيات والإجراءات والقرارات التي يبدو العراق معها وكأنه لم يتخلص بعد من براثن الوحش الدكتاتوري.
 

المدى
العدد (2381) الأربعاء 1/2/2012



 

 

free web counter