| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء  1 / 4 / 2014                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

إلى زميل لبناني

عدنان حسين    

بحسّ الصحفي المحترف، النبه والمدقق، لاحظ الزميل اللبناني القديم كمال قبيسي، المحرر في "العربية نت"، خبراً بثّه المركز الخبري لشبكة الإعلام العراقي، فأرسل لي رابطه أمس مع تعليق ذي دلالة بالغة يقول: "خبر عراقي من الوزن الثقيل كهذا الخبر ولا توجد صحيفة عراقية تصنع منه تحقيقاً كبيراً".

نعم انه خبر من الوزن الثقيل، لكن في ظروف أخرى. والمشكلة الآن تكمن في الآتي: من سيهتم بتحقيق عن حادثة كهذه ظلت طيّ الإخفاء والتكتم منذ ثلاثة عقود؟.. نعم من سيهتم، وهي حادثة تبدو من الوزن الخفيف بالمقارنة مع الكثير من الحوادث ذات الوزن الثقيل جداً التي جرت في عهد صدام حسين ولم يكلّف النظام الجديد نفسه مهمة التحقيق فيها وجلاء خفاياها، مع انها ذات قيمة تاريخية كبيرة؟ ومن سيهتم بقصة عمرها ثلاثين سنة فيما تجري الآن حوادث من الوزن الثقيل للغاية تؤثر تأثيراً مباشراً على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة للعراقيين ولا تأبه الدولة بكشف أسرارها للناس؟

خبر الوزن الثقيل الذي عناه الزميل قبيسي يتعلق بمعلومات أخفاها نظام صدام عن اختطاف طائرة عراقية نوع "بوينغ 727" بعد إقلاعها من مطار العاصمة الأردنية عمان في أحد أيام العام 1985، وتحطمها على الاراضي السعودية بعدما نشبت معركة بين طاقم أمن الطائرة والخاطفين ما أدى الى سقوطها في الصحراء السعودية بالقرب من منطقة عرعر، وهو حادث قتل فيه 63 شخصاً بينهم ثلاثة من طاقم الطائرة فيما نجا بقية الركاب.

اكبر بكثير من ذلك الحادث كانت مجزرة قتل القيادة البعثية في تموز 1979، وأكبر الحرب ضد ايران، مجازر حلبجة والانفال، غزو الكويت، والمقابر الجماعية بعد إجهاض انتفاضة آذار 1991. تلك الأحداث الكبرى لم تزل جوانب أساسية منها خفية على الشعب العراقي.. الحكام الجدد لم يشاؤوا أن تنكشف الأسرار الكاملة لها، فقد عمدوا الى محاكمة صدام حسين وإعدامه بسرعة البرق عن حادثة واحدة، هي مجزرة الدجيل، وأعفوه من الإدانة بارتكاب المجازر والجرائم الأخرى.

ولماذا نذهب بعيداً .. الآن تجري أحداث أكثر أهمية من الحادثة القديمة، محاولة الاختطاف وتحطم الطائرة العراقية.. منذ ثلاثة أسابيع كانت قضية إعادة طائرة لبنانية وهي في طريقها الى بغداد لأسباب قيل إن لها علاقة بعدم انتظارها ابن وزير النقل الى ما بعد الموعد المقرر للإقلاع. ويومها برأ الوزير ابنه ووعد بإجراء تحقيق في الحادث لتحديد المسؤوليات. والآن بعد ثلاثة أسابيع تبدو وزارة النقل كلها "مطنشة"!

قبل هذا كانت حكومتنا قد أقالت دون وجه حق وبالتعارض مع أحكام الدستور وقانون البنك المركزي، محافظ البنك د. سنان الشبيبي، واعتقلت عدداً من خيرة اختصاصيي البنك، بحجة وجود فساد مالي واداري، وشكّل مجلس النواب لجنة تحقيق. وبعد سنة ونصف السنة فان البرلمان، كما الحكومة، "مطنش" هو الاخر على نتائج التحقيق، والسبب ان التحقيق أثبت ان الشبيبي وطاقمه لم تكن لهم أية علاقة بأي نوع من الفساد، وان الفساد المالي والإداري كان من اختصاص نواب ومسؤولين حكوميين لم يمسس أحد لهم شعرة.

غير هذين الحادثين هناك العشرات من القضايا من هذا الوزن وأثقل، وكبار المسؤولين في دولتنا الشهود على كل شيء يؤدون دور الشاهد الذي "ما شافشي حاجة"!

عزيزي كمال.. انت خير من يهتم بقصة الطائرة تلك.. أما نحن فمشغولون بقصص الحاضر التي يشيب لها شعر الولدان.


المدى
العدد (3046) 1/4/2014

 

 

free web counter