| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأثنين 19/3/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

آخر الألاعيب

عدنان حسين  

ألاعيب أهل الدولة والسياسة لدينا أكثر من الهمّ على القلب. ومن آخر هذه الألاعيب واحدة تتصل باختيار مجلس مفوضين جديد للمفوضية العليا المستقلة (!) للانتخابات وأخرى بقانون العفو العام المقترح.

على صعيد اللعبة الأولى أعربت مصادر في لجنة الخبراء النيابية المكلفة باختيار مجلس المفوضين هذا عن مخاوف من "خضوع اختيار مجلس المفوضين للمحاصصة السياسية والحزبية والطائفية"، كما حصل مع مجلس المفوضين الحالي (صحيفة "الحياة" أمس).
وعملية الاختيار هي الآن في مرحلتها الثانية التي تنتهي بترشيح 60 من 4 آلاف متقدم لشغل عضوية مجلس المفوضين. ومن المفروض أن يتم هذا الترشيح وفقاً لمعايير الكفاءة وليس على أساس آخر.
لكن المصادر المتخوفة تخشى أن يجري تعطيل المرحلة الثانية هذه من أجل "الحصول على موافقات قادة الكتل على الذين سيتم ترشيحهم للمرحلة الثالثة»، لافتة إلى أن «الأحزاب والكتل السياسية دفعت بعناصرها إلى الترشيح لمجلس المفوضين، مستغلة عدم وجود قانون يفرض أن يكون المرشح مستقلاً مثلما يحصل في عملية اختيار مفوضية حقوق الإنسان".
إذا ما انتهكت الشروط والمعايير الموضوعة لاختيار أعضاء المجلس الجديد فإننا سنعيد إنتاج الفشل الذي رافق الانتخابات السابقة، وهو فشل تسبب في جملة من المشاكل القائمة حتى الآن، وطعن في صدقية العملية السياسية والنظام السياسي القائم، فلا علاقة لهذه العملية السياسية وهذا النظام السياسي بالديمقراطية التي يريدها الشعب لكي يعيش بكرامة ورفاهية.
من المشكوك فيه أن تتمسك لجنة الخبراء بالمعايير الموضوعة لاختيار أعضاء المجلس الجديد، فهذه اللجنة مُشكلة من مجلس النواب على صورة المجلس نفسه الذي يشكل لجانه على أساس المحاصصة: كذا عدداً من الشيعة وكذا من السنة وكذا من الكرد، وفي إطار كل كذا من هذه الكذوات هناك كذا تتعلق بحزب أو كتلة أو ائتلاف.
في الدول التي تحترم نفسها وشعوبها توكل مهمات إدارة الانتخابات والإشراف عليها إلى هيئات لا يدخل في تركيبتها أي اعتبار لدين أو مذهب أو قومية أو حزب. وهذا ينسحب على صياغة الدستور وتعديلاته والقوانين المختلفة، فالدارج في البلدان الديمقراطية أو التي تتجه للانتقال إلى الديمقراطية أن تُعهد صياغة مسودة الدستور أو التعديلات الدستورية إلى لجنة من الخبراء في القانون والمجالات الأخرى أولاً، ثم تُعرض على مجلس تأسيسي أو البرلمان القائم لمناقشتها وإغنائها ومن ثم طرحها للتصويت العام.
عندنا جرت الأمور على نحو مخالف، فقد عُهد إلى السياسيين وليس إلى الخبراء صياغة مسودة الدستور التي نوقشت على عجل في الجمعية الوطنية (التأسيسية) وقُدّمت إلى الشعب ناقصة ومشوّهة ومبتورة بمادة تنص على تعديل الدستور في غضون ستة أشهر، وقد مرّ الآن أكثر من خمس سنوات منذ انتهاء تلك المهلة ولم يجرِ تعديل مادة واحدة من خمسين مادة كانت مرشحة للتعديل في مهلة الستة أشهر تلك.
اللعبة الأخرى الدائرة بين الحكومة ومجلس النواب هذه الأيام تتعلق بقانون العفو العام. الحكومة اقترحت قانوناً للعفو عن عشرات الآلاف من مدانين ومتهمين بتهم يتصل الكثير منها بقضايا تخلّ بالشرف الشخصي والشرف الوطني، كتزوير الشهادات والوثائق وقتل المدنيين الأبرياء. مجلس النواب عدّل في القانون المُقترح بما يتجاوز ما تريده الحكومة، والآن تطلب الحكومة من المجلس التريث في تشريع القانون أملاً في إعادة النظر في النص الذي يوشك المجلس على إجازته.
وعلى أي حال فان وراء موقف الحكومة وموقف المجلس مصالح طائفية وحزبية، ما كانت ستؤخذ في الاعتبار لو عُهد بصياغة مسودة القانون إلى خبراء لا طائفيين ولا حزبيين.
 

المدى
العدد (2428) الأثنين 19/3/2012



 

 

free web counter