| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 19/7/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

السير بول.. كم واحداً لدينا مثله؟

عدنان حسين

كثير من كبار المسؤولين في دولتنا الحالية، أو القائمة أو الراهنة ، عاشوا في الدول المتحضرة (أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا) حقبة طويلة وصلت إلى عشرين سنة أو أكثر للبعض منهم، لكنهم لم يتعلموا أبسط الأشياء وأسهلها، والأبسط والأسهل هو عادة الذي لا يدفع المرء مالاً للحصول عليه، وأعني هنا على وجه التحديد الأخلاق التي يمكن التعرف عليها واكتسابها مجاناً.

رئيس شرطة العاصمة البريطانية، لندن، السير بول (بول ستيفنسن) أعلن أمس الأول عن تقديم استقالته من منصبه المرموق لسبب له علاقة بفضيحة التنصت التي قامت بها على مدى سنوات صحيفة "نيوز أوف ذا وورلد" التي ماتت الأسبوع الماضي عن عمر ناهز المئة وثمانين سنة، بقرار من مالكها إمبراطور الإعلام الاسترالي روبرت مردوخ الذي تصرّف على نحو مهني بدفن عار هذه الصحيفة التي انتهكت أخلاقيات المهنة وتجاوزت كثيراً على تقاليدها وأعرافها.
والمنصب الذي تقلّده السير بول منذ سنتين هو الأرفع في سلك الشرطة البريطانية، وقد تسنّمه لا عن طريق المحاصصة الطائفية أو الدينية أو الحزبية أو العشائرية وإنما بكفاءته التي أثبتها على مدى نحو 35 سنة (التحق بسلك الشرطة العام 1975).
والسير بول ليس متورطاً في قضية التنصت، وإنما أظهرت التحقيقات أن الصحيفة المتوفاة غير مأسوف عليها استطاعت أن ترشو بعض عناصر الشرطة لتحقيق مآربها في التنصت على الهواتف أو في إعاقة التحقيقات بشأن هذه القضية.
السير بول المتحدر من مقاطعة لانكشاير الإنجليزية وجد انه يتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه حالة فساد اخترقت جسد الجهاز الذي يديره. وفي المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه استقالته قال "اتخذت هذا القرار بسبب تكهنات واتهامات بشأن صلات بين شرطة سكتلنديارد ونيوز انترناشنال" الشركة التي تصدر عنها الصحيفة، و"خصوصًا مع نيل واليس" المساعد السابق لرئيس تحرير صحيفة "نيوز أوف ذي وورلد". ونفى السير بول أي علم له بقضية التنصت على الاتصالات قبل افتضاحها، وأكد "نزاهتي تامة"،وأضاف " أقولها بوضوح، أعرف وكل من يعرفني يعرف أن سمعتي لا غبار عليها. ربما كنت أتمنى ان نتعامل مع بعض الأمور بطريقة مختلفة. لكنني لن أغمض عينيّ فيما يخص سمعتي الشخصية".
لماذا أقدم السير بول على الاستقالة التي علّّقت عليها وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي بالقول إنها "تأسف" لرحيله، وشكرته على كل ما قام به خلال فترة قيادته للشرطة؟.. ببساطة تامة انه فعل ذلك لأنه شخص شريف ونزيه ووطني وعلى خلق قويم.
في المقابل لدينا مسؤولون في مقام السير بول أو أكبر أو أقل لا يرفّ لهم جفن ولا تتحرك شعرة في شواربهم إذا ما كُشِف النقاب عن أنهم شخصياً، وليس عناصر من الأجهزة التي تحت إمرتهم، متورطون في فساد مالي وإداري وسياسي وأخلاقي، بل إنهم يعاندون وينفون المرة تلو الأخرى، ولا يتورعون عن اتهام من يكشف عن فسادهم بتهم أكبر وأشنع، بل يتمادون أكثر فيهددون برفع الدعاوى ضد كاشفي فسادهم، بل يذهبون الى أبعد من ذلك بإرغام القضاء على التراجع عن أحكامه ضدهم، وهذا ما حصل لدينا منذ 2003 حتى الأيام القليلة الفائتة.
لماذا يتصرف مسؤولونا على هذا النحو ولا يفعلون ما فعله السير بول؟ ... ببساطة تامة لأنهم، بخلاف رئيس شرطة لندن، أشخاص منزوعو النزاهة وليسوا على خلق قويم.



العدد (2195) الثلاثاء 19/07/2011






 

 

 

free web counter