| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الأربعاء 19/10/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

لو أضربت نساؤنا

عدنان حسين

تخيّلوا أن نساء قرية أو بلدة عراقية مهملة، وما أكثر قرانا وبلداتنا ومدننا المهملة، كانت لهن القوة والعزيمة على إعلان الإضراب عن بعض ما يمنحنه لأزواجهن، وبالذات المعاشرة الجنسية، ما لم يعمل أزواجهن على تغيير الأحوال بمد طريق مبلطة مثلا أو ترميم مدرسة الأولاد أو المستوصف، ولا نذكر الكهرباء لأنها من المستحيلات.

تخيّلوا أن هذا قد حدث فعلاً في إحدى قرانا او بلداتنا، فماذا سيكون رد الفعل؟
قبل البحث عن الجواب لا بدّ من الإشارة الى أن الفكرة ليست نوعا من الفانتازيا الجامحة، فقد كان لها تطبيق عملي في إحدى القرى الأميركية اللاتينية (جمهورية كولومبيا). الصحفي والكاتب السوداني المعروف الصديق صلاح أحمد المقيم في لندن أخبرنا عبر "إيلاف" أمس أن النساء في بلدة بارباكواس الكولومبية الصغيرة أنهين حملتهن السياسية الأكثر نجاحاً على الإطلاق إثر الاستجابة لمطالبهن بعد ثلاثة أشهر و19 يوماً بالضبط لوصل قريتهن بالعالم عبر طريق مبلطة.
وكانت أولئك النسوة قد لجأن الى مختلف الوسائل من أجل تنفيذ المشروع في بلدتهن المعزولة بسبب غياب المواصلات العامة. لكن تلك الوسائل فشلت في تحقيق المرجو منها. وأخيرا تفتقت قريحتهن عن «الوسيلة المثلى»، فأعلنت نحو 300 منهن في 22 حزيران الماضي إضراباً عن معاشرة أزواجهن في حملة أطلقن عليها اسم «السيقان المغلقة»، وقُلن إنهن لن يَعدن الى مضاجع أزواجهن وشركائهن ما لم يعملوا جدياً على الضغط على السلطات الحكومية للبدء بالعمل في المشروع الذي ظل على مدى أكثر من 160 سنة درباً لا يصلح لغير العربات التي تجرّها الحيوانات.
وإذا بالرجال يتنبهون فجأة الى «محنة» بلدتهم المعزولة ويقررون أن من العدل والإنصاف أن تمتد اليها الطريق المسفلتة لتنهي عزلتها المديدة تلك. وأخيراً أعلن وزير المواصلات الكولومبي، جيرمان كاردونا أن حكومته ستنفق 51 مليون دولار لربط البلدة بالطريق الرئيسة.
كان إضراب النساء موجهاً ضد رجال البلدة في المقام الأول بعد شكواهن من أنهم لا يحفلون كثيراً بالموضوع وبالتالي فلا يثيرونه بما يكفي أمام المسؤولين. وعندما أخفقت الوسائل على تعددها واختلافها في إقناع هؤلاء الرجال بأن المشروع يصبّ في صالح الجميع، تنبهت النسوة الى أن في أيديهن السلاح الذي لا يُعلى عليه فاستخدمنه خير استخدام. ولم ينته الإضراب «التاريخي» الا بعد وصول ماكينات شق الطرق الى البلدة، فانفرجت الأمور مثلما انفرجت السيقان بعد إغلاق، كما تقول قصة صلاح أحمد.
كل قرانا وبلداتنا ومدننا في أحوال تستحق إعلان إضرابات نسائية ورجالية على السواء، ولكن لو حصل عندنا ما حصل في تلك البلدية الكولومبية لهبّ من له علاقة ومن ليس له علاقة رامياً النساء المُضربات بحجر الفحشاء والمنكر!! .. وليس من المستبعد أن يكون بين هؤلاء نواب ووزراء ومسؤولون كبار آخرون.
سيكون أمرا فاحشاً أن تعلن نسوة عراقيات الإضراب على طريقة النسوة الكولومبيات، ولكن ليس من الفُحش في شيء أن يراود برلمانيون صحفيات عن أنفسهن مقابل معلومات (قصة المدى أمس)، أو أن يطلب وزراء ووكلاء ومدراء ومحافظون من موظفاتهم النوم في أسرتهم مقابل تعيين او إبقاء في وظيفة أو ترفيع! لا عجب فنحن في دولة العجب المُتخمة بالفساد والفاسدين من كل شكل ولون.
 


العدد (2282) الأربعاء 19/10/2011






 

 

 

free web counter