| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 18/8/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

صمتكم يخنقنا

عدنان حسين

أبلى أعضاء مجلس النواب أمس الأول بلاءً "حسنا"ً للغاية في الدفاع عن حقوقهم، فلم يرضوا بالنيل من هذه "الحقوق" ووقفوا ضد إنقاص رواتبهم، فيما خفّضوا رواتب الرئاسات الثلاث بنسبة 23 في المئة، وكان مطروحاً تخفيض رواتب "نواب الشعب" الميامين بنسبة 40 في المئة.

وأبلى الأعضاء أنفسهم بلاءً مماثلاً مرة أخرى في اليوم نفسه عندما قاطعوا بأغلبيتهم الساحقة تشكيل منظمة مجتمع مدني لمحاربة الفساد، فمن مجموع 325 عضواً في مجلس النواب، فقط ثلاثة عشر نائباً أعلنوا عن تشكيل منظمة "برلمانيون عراقيون ضد الفساد"، أي أن 4% فقط من نوابنا أظهروا أنهم مكترثون بمحاربة الفساد ومهتمون بتخليص دولتنا ومجتمعنا من هذا الوباء الفتّاك الذي يحول دون انتقال العراقيين إلى مرحلة العيش بكرامة.
ليس مُدهشاً أن يتدنى إلى هذا الحد عدد النواب المبادرين إلى تشكيل منظمة مهمة من هذا النوع، فبرلمانيونا عودونا على أن يكونوا أول وأكبر المستفيدين وألا يكونوا في عداد الخاسرين، ولن ننسى أنهم حال افتتاح الدورة البرلمانية السابقة وضعوا رواتبهم وامتيازاتهم المبالغ فيها على رأس جدول أعمالهم، ولم يكترثوا لصيحات الاستنكار الشعبية المغمسة بدماء الاقتتال الطائفي الذي أبلوا هم أكثر من غيرهم في إذكائه "بلاء حسناً" أيضاً.
لم يبتدع النائب صباح الساعدي وزميلاته وزملاؤه الاثنتي عشرة فكرة "برلمانيون عراقيون ضد الفساد"، فمنذ العام 2002 تأسست المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد خلال مؤتمر عقد في مبنى البرلمان الكندي، وهي تضم في عضويتها الآن 400 منظمة وطنية وإقليمية، وبعض هذه المنظمات موجود في البلدان العربية بما فيها اليمن.
وخلال السنوات الثماني الماضية اتخذ الفساد في بلادنا بعداً تصاعدياً فلكياً على نحو لا مثيل له إلا في الصومال وأفغانستان، بيد أن نوابنا الميامين لم يؤرقهم هذا كما هو واضح من سجلات اجتماعات المجلس ونشاطاته، فقضية الفساد هي بين القضايا التي حظيت بأقل الاهتمام وليس أكثره خلال مناقشاتهم ومؤتمراتهم الصحفية وجلسات الاستماع التي نظمها المجلس على هامش اجتماعاته. وبرغم اعتراف الجميع بالحجم الهائل للفساد في دولتنا وتوفر أطنان من الوثائق عليه فان برلماننا لم يقف وقفة جادة أمام قضية فساد واحدة ويمضي بها إلى النهاية. والقضية اليتيمة هي قضية وزير التجارة الأسبق الذي وقف أمام البرلمان للمساءلة مرة واحدة فقط ثم أُعلنت استقالته قبل أن يُتم المجلس مساءلته.. ولم يكلًف المجلس نفسه حتى مجرد التنديد بالتجاوز الحكومي على دوره الرقابي.
"برلمانيون عراقيون ضد الفساد" مبادرة وطنية طيبة نأمل أن يلتحق بها سائر البرلمانيين الشرفاء والنزيهين الذين نعرفهم لكي تتحول هذه المبادرة إلى حركة مؤثرة وفاعلة، ففساد رجال دولتنا يقتلنا جميعاً.. يميت وطننا، ويهدد مصير أبنائنا وأحفادنا مثلما هددت حروب صدام ومحاصصة خلفائه حاضرنا.
إن صمتكم على هذا الفساد، أيها النواب، يخنقنا.


العدد (2225) الخميس 18/08/2011






 

 

 

free web counter