| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الثلاثاء 17/4/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

 أنموذجنا المصري

عدنان حسين   

قدّم المصريون لنا مثالاً جديراً بالاحتذاء لحلّ واحدة من أكبر مشاكلنا في العراق، هي أم المشاكل لأنها تتعلق بأم القوانين، الدستور. ومن المفترض أن يبادر الأعضاء الوطنيون في برلماننا إلى تقديم اقتراح بتمثل الأنموذج المصري بشأن مشكلتنا التي صار عمرها ست سنوات ومن الممكن أن تبقى ست سنوات أخرى أو أكثر.

المصريون قرروا إناطة مهمة كتابة دستورهم الجديد بلجنة من خارج البرلمان، فقد قضت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة المصري ببطلان الجمعية التأسيسية للدستور التي قرر البرلمان المصري تشكيلها من 100 شخصية نصفهم من البرلمان والنصف الآخر من خارجه، وذلك استناداً إلى أن الإعلان الدستوري الصادر بعد إطاحة نظام حسني مبارك لم ينص على تضمين الجمعية التأسيسية أعضاء في البرلمان.
هنا في العراق وفي ظرف سياسي وأمني عاصف، ارتكب السياسيون خطأ قاتلاً بأن عهدوا إلى أنفسهم بمهمة صياغة الدستور لنظام أُريد أن يكون ديمقراطياً.. السياسيون الذين تولّوا المهمة لم يكونوا في الغالب من الديمقراطيين ولا حتى من المؤمنين بالديمقراطية ونظامها السياسي. كما انهم لم يكونوا من أصحاب الاختصاص والخبرة في مجال التشريع، بل ان أغلبيتهم كانت من الحزبيين الطائفيين، فأنتجوا لنا دستوراً على صورتهم. ولأنهم لم يتمكنوا من التوافق على مواد الدستور ثبّتوا مادة تلزم بتعديل الدستور في غضون أشهر بعد إجراء أول انتخابات برلمانية على أساسه. وقد مرت الآن خمس سنوات ونصف السنة على الموعد المُفترض لإقرار التعديلات التي صيغت ولم يناقشها البرلمان السابق ولا الحالي الذي انتهى أكثر من نصف ولايته.
المشكلة أن التعديلات المقترحة أعدّها سياسيون أيضاً وأودعوها أمراضهم وعُقدهم الطائفية وسواها، وهي لهذا السبب موضع خلاف بين قواهم وتياراتهم السياسية المُشكّلة للبرلمان والحكومة. ومن غير المؤمّل، بل من شبه المستحيل، أن يتحقق توافق على هذه التعديلات في ظل الأزمة الطاحنة المتواصلة بين هذه القوى والتيارات.
مصر تُقدّم لنا أنموذجاً، فقد توافق رئيس المجلس العسكري الحاكم وزعماء الأحزاب السياسية خلال اجتماع لهم الأحد الماضي، ضمّ أيضاً رئيسي مجلسي الشعب والشورى، على ترتيبات لتشكيل لجنة تضع معايير وضوابط تشكيل الهيئة التي ستُكلف كتابة مشروع الدستور الذي سيُعرض على الاستفتاء العام، وهي هيئة لن تضم أعضاء في البرلمان، بل سيُعهد بها في الغالب إلى اختصاصيين في القانون والاجتماع والاقتصاد، وإلى جانبهم ممثلون عن القوى السياسية والأطياف الفكرية والمجتمعية في البلاد.
نحن في محنة تتفاقم مع تفاقم المشاكل القائمة بين الكتل والائتلافات، وهي مشاكل تتعلق في الأساس بالدستور، فأطراف هذه المشاكل جميعاً تتهم بعضها بعضاً بانتهاك الدستور وأحكامه، وهي اتهامات صحيحة بالكامل، إذ لدينا دستور غير مكتمل وحمّال أوجه لأنه كُتب على عجل في ظرف ساخن سياسياً وطائفياً وقومياً، والجميع ينتهك هذا الدستور ويدّعي أن غيره وليس هو من يقوم بذلك.
والآن، وقد اشتدّت أزماتنا فمن المفروض أن يكون أوان انفراجها قد حان، وهذا الانفراج لا يكون إلاّ بإنجاز تعديلات الدستور في القريب العاجل، وهذه التعديلات لا يمكن أن ينجزها البرلمان المتخاصم والمتحارب والمنقسم، وإنما يتعين أن يُعهد بها إلى لجنة من خارج البرلمان، كما هي الحال عند المصريين.
 

المدى
العدد (2455) الثلاثاء 17/4/2012



 

 

free web counter