| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 17/1/ 2013                                                                      

 

شنــاشيــــل :

حكاية تاتشر وبلير برسم المالكي

عدنان حسين

وصلتُ إلى بريطانيا طالباً اللجوء السياسي في العام 1992(قادماً من سوريا وقبلها لبنان). وتصادف وصولي مع انتهاء عضوية رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر في مجلس العموم (النواب) وحصولها على لقب (بارونة) وعلى عضوية مجلس اللوردات (الشيوخ) أيضاً.

تاتشر التي اشتهرت بصفة (السيدة الحديد) كانت قد تولت رئاسة الحكومة البريطانية ثلاث مرات متتالية (1979 – 1983 – 1987) الا ان المرة الثالثة لم تكملها فقد استقالت أواخر العام 1990 قبل ستة أشهر من موعد الانتخابات العامة، منصاعةً لضغط حزبها الذي انتابه قلق شديد من تراجع شعبية زعيمته ومن ملامح دكتاتورية بانت على سلوكها في السلطة.

عندما جرت الانتخابات العامة في 1991 تبين ان حزب تاتشر على حق في إرغام زعيمته على الاستقالة، فقد احتفظ الحزب بعدها بالسلطة لمدة ست سنوات، ومن دون استقالتها كان من شبه المؤكد أن يخسر حزب المحافظين السلطة لصالح غريمه التاريخي حزب العمال.

ما حدث لتاتشر تكرر لاحقاً مع الزعيم العمالي توني بلير الذي فاز هو الآخر بثلاث دورات انتخابية (1997 – 2001 - 2005 ) لكنه اضطر إلى قطع الثالثة والاستقالة بضغط من حزبه لأسباب مشابهة تقريباً لأسباب استقالة تاتشر.

لا تاتشر ولا بلير نقص من قدره بقطع ولايته الأخيرة، فتاتشر، كما مرّ، احتفظت بمقعدها البرلماني سنتين تقريباً بعد استقالتها، وعندما خرجت من مجلس العموم انتقلت الى مجلس اللوردات مع أرفع لقب بالمعايير البريطانية. وحتى اليوم تتمتع تاتشر بمحبة الكثير من البريطانيين. وقد أنتج أخيراً فيلم عن حياتها جسّدت فيه دورها واحدة من أكثر نجوم هوليوود شهرةً، هي الممثلة الأميركية البارعة ميريل ستريب.

أما توني بلير فاحتفظ هو الآخر بشعبيته وشهرته حتى ان الأمم المتحدة عيّنته فور استقالته من رئاسة الحكومة مبعوثاً دولياً للجنة الرباعية الدولية الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط. وحتى اليوم يواصل نشاطه السياسي الدولي ويلقي المحاضرات في العديد من الجامعات ومراكز الابحاث والمنتديات الكبرى في العالم ويقدم المشورة لحكومات ومؤسسات.

خلال ولاياتهما الثلاث، تعرّض كلّ من تاتشر وبلير لاستجوابات حامية في البرلمان البريطاني، ولم يستنكف أي منهما أو ينزعج من طلبات الاستجواب، بل انهما أدّيا المطلوب ببراعة، وهذا ما جعلهما يحتفظان بالتقدير والاحترام داخل بلديهما حتى بعد أن غادرا 10 دواننغ ستريت.

منذ سنتين في الأقل يواجه رئيس حكومتنا مشاكل جمّة مع القوى السياسية الشريكة له في الحكومة وتلك القائمة خارج الحكومة والبرلمان. بل ان هذه المشاكل هي أكثر عمقاً في الأوساط الشعبية. فأقل ما يريده الناس من حكومة تتوفر على موازنة سنوية فلكية (100 مليار دولار) أن تُيسّر حياتهم وتسهّل أمورهم بضمان أمنهم وتقديم الخدمات الضرورية لهم. لكن هذه الحكومة فشلت في ذلك فشلاً ذريعاً، وهي تحقق في كل يوم فشلاً جديداً .. أقل ما ينبغي أن تفعله هذه الحكومة أن تعترف بتقصيرها وفشلها وتستقيل، فتريح وتستريح.


المدى
العدد (2702)  17/1/2013



 

 

free web counter