| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

السبت 16/4/ 2011                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

تأجيل قمة بغداد.. الخيار الصحيح

عدنان حسين

أسوأ ما يُمكن تصوره في ما يتصل بأزمة قمة بغداد العربية أن تأخذ الحكومة والبرلمان العراقيان العزة بالإثم فيوسِّعا من الشقّ بدل أن يرتقاه.ارتكبت الدولة العراقية، وبخاصة الحكومة، خطأ كبيراً في التعبير عن موقف متشنج، عكس عصبية مذهبية، من الأزمة الداخلية في البحرين ودخول قوات من مجلس التعاون الخليجي إلى هذه الدولة العضو في المجلس والطرف في الاتفاقية الأمنية التي تربط بين دوله. ولو لم تكن الدوافع طائفية لكنّا رأينا موقفاً مماثلاً من أحداث تونس ومصر، ولكان البرلمان والحكومة أيّدا، ولو بحماسة أدنى في الأقل، التظاهرات في الأردن وسوريا، على سبيل المثال، وقبلهما في إيران، ولما كانت الحكومة، بتواطؤ من البرلمان، قد قمعت بقسوة تظاهرات الشباب العراقي. وفي الأساس لم يكن مطلوباً من الحكومة بالذات أو محتماً عليها أن تتخذ موقفاً كهذا من أحداث البحرين، خصوصاً عشية قمة بغداد.
الموقف العراقي من الأزمة البحرينية، وبالذات من جانب الحكومة، عكس في الواقع الخفّة التي كثيرا ما يتسم بها عمل الدولة العراقية في مجالات السياسة الداخلية، فضلاً عن السياسة الخارجية. وآخر تجليات هذه الخفّة، داخلياً، هو قرار الحكومة بمنع التظاهر في ساحتي التحرير والفردوس في بغداد بحجة واهية، بل كذبة مفضوحة، هي أن أصحاب المحال التجارية اشتكوا من أن التظاهرات قطعت أرزاقهم. ويوم أمس كانت كل محال ساحة التحرير والشوارع المؤدية إليها مفتوحة مع أن الساحة كانت تشهد تظاهرة صغيرة تحدّت الحظر الحكومي. أما ساحة الفردوس فلا يوجد فيها أي محل تجاري على الإطلاق. وإذا كانت التظاهرات تسبّب إزعاجاً لأحد، غير الحكومة، فهذا ناجم عن الإجراءات الأمنية المبالغ فيها للغاية، فقوات الحكومة، وليس المتظاهرون، هي التي تُغلق الجسور والطرق المؤدية إلى الساحتين، وتنشر قوات كبيرة للغاية من دون أي مبرر غير رغبة الحكومة في قمع المتظاهرين لإنهاء حركتهم التي تضغط عليها من أجل معالجة العيوب والنواقص والأخطاء في عملها.
على أية حال فان "الفاس وقع بالراس"، بعدما ارتكبت الحكومة والبرلمان الخطأ الذي دفع بدول مجلس التعاون الخليجي الست التي كانت مؤهلة جميعا للمشاركة في قمة بغداد على أعلى المستويات، الى الطلب من الجامعة العربية إلغاء القمة أو نقلها إلى عاصمة أخرى.. ولن يكون صحيحاً أن تتصرف الحكومة، والبرلمان أيضاً، بما يصبّ المزيد من الزيت على النار، بالإصرار على عقد القمة في بغداد بمن يحضر، فموقف كهذا لن يفيد العراق في شيء، بل انه يُلحق به المزيد من الأضرار والخسائر.
التصرف الصحيح يكون بمحاصرة النار وإطفائها، وهذا يكون بالسعي إلى تأجيل القمة إلى موعد آخر خلال العام الحالي أو العام المقبل. وإذا ما حدث هذا وترافقت معه وأعقبته حركة دبلوماسية عراقية نشيطة لمعالجة ذيول الموقف الحكومي والبرلماني تجاه أزمة البحرين، ولإعادة المياه إلى مجاريها في العلاقات العراقية - الخليجية، فان قمة بغداد وقتها ستكون ذات وزن أكبر ونتائج أفضل، فسيحضرها الرئيسان المصري والتونسي الجديدان المنتخبان ديمقراطياً ورئيسان يمني وليبي جديدان أيضاً، وبالتالي ستكون قمة بغداد أكثر حيوية ورمزية من قمة كان يفترض أن تُعقد الشهر الماضي ثم الشهر المقبل.
سيكون عملاً طيباً أن نبادر نحن إلى اقتراح تأجيل قمة بغداد، وأظن أن الجامعة العربية وعواصم عربية عدة ستتفهم وتقدّر هذا، بخلاف الموقف الذي قد يُفكّر به، بخفّة وعبثية، البعض في بغداد سعياً الى قلب الطاولة بما فيها، فما على الطاولة يعود لنا في الواقع، وإذا تهشّم فالخاسرون نحن وليس أي أحد سوانا.




العدد (2102) السبت 16/04/2011






 

 

 

free web counter