| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عدنان حسين
adnan255@btinternet.com

 

 

 

الخميس 16/2/ 2012                                                                                                   

 

شنــاشيــــل :

الإنكار ليس حلاً .. ولا القمع

عدنان حسين  

في درسنا الصحفي الأكاديمي الأول، تعلمنا أن الخبر ليس أن يعض كلبٌ إنساناً وإنما هو أن يعض إنسانٌ كلباً. لكن منذ ايام تحولت عضة كلب لإنسان الى خبر تناقلته محطات تلفزيون وصحف ورقية وإلكترونية عبر العالم، والسبب ان عملية العض كانت تُنقل على الهواء مباشرة وان المعضوض هو المذيعة التي كانت تقدّم على الهواء برنامجاً يتعلق بالكلب الذي عضها بالذات.

في السياق نفسه تحولت ولادة امرأة بريطانية الى خبر تتناقله وسائل الإعلام المختلفة. والخبر في هذه الولادة ان المرأة الوالدة كانت قد تحولت إلى رجل بعد أن ولدت كامرأة وبأعضاء تناسلية ذكرية في الوقت نفسه. المرأة المتحولة الى رجل احتفظت بأعضائها الأنثوية (الرحم والمبيض) ما مكّنها (أو مكّنه) من الحمل ومن ثم الولادة، في أول حادث من نوعه في بريطانيا، فهذه هي المرة الأولى التي يحمل فيها ويلد رجل تحول في شكله الخارجي من امرأة.
على اية حال فان القضية الفريدة في نوعها لن تعمل مشكلة لا مع السلطات الدينية (الكنيسة) ولا مع السلطات الرسمية (الحكومية) ولا مع المجتمع، فالحق في التحول الجنسي من امرأة الى رجل أو من رجل الى امرأة مكفول شرعاً وقانوناً ومقبول اجتماعياً هناك، ذلك ان الجميع في بريطانيا وسواها من البلدان المتحضرة يؤمنون بان التغيير، في الاسم والرأي والعقيدة السياسية أو الدينية والجنس، حق من الحقوق الشخصية الواجب كفالتها واحترامها.
هذا بالطبع يختلف تماماً عما هو سائد لدينا، فالتحول من جنس الى جنس، وبخاصة من رجل الى امرأة، يصل الى درجة التحريم، فلا المؤسسات الدينية تبيحه ولا المؤسسات الرسمية تقرّ به، فيما أغلبية المجتمع لا تقبل به وقد تستنكره أيضاً، مع ان الرجال الذين وُلدوا بأعضاء أنثوية أو النساء اللائي وُلدن بأعضاء ذكرية لم يفعلوا ذلك بإرادتهم. ليست المسألة ان هناك نساء يردن أن يسترجلن أو رجالا يريدون أن يتخنثوا كما يشاع، انما هم هكذا ولدتهم أمهاتهم، وهم يرغبون بالتحول الكامل الى الصفة الغالبة فيهم. وحتى من الناحية الدينية فمن المفترض أن تقرّ المؤسسات الدينية بالحق في التحول من جنس الى جنس باعتبار ان ذلك مما أراده الله ولا رادّ لإرادته.
قرأت منذ أيام عن محنة يواجهها بعض المتحولين جنسياً (في السر طبعاً) أو الراغبين في التحول، فالمستشفيات لا تساعد في إعادتهم جراحياً الى طبيعتهم التي خُلقوا بها، كرجال أو نساء، والسلطات الحكومية لا تفتح أمامهم باباً، ورجال الشرطة يلاحقونهم ويسيئون معاملتهم بقسوة مفرطة وينظرون اليهم باعتبارهم شاذين، بل يبتزونهم مادياً، وجنسياً أيضاً.
في بريطانيا توجد جمعية خيرية خاصة بتقديم العون والمشورة للمتحولين جنسياً، تحمل اسم "بومونت"، وثمة جمعية أخرى متخصصة بإجراء ابحاث علمية تتصل بقضايا التحول الجنسي، لدراسة هذه الحالات وتقديم المشورة العلمية للمتحولين أو الراغبين في التحول.
نحن ايضاً نحتاج الى ان تدرك مؤسساتنا الدينية ودوائرنا الرسمية، ان هذه القضية طبيعية ولا تنطوي على أي عيب أو شذوذ، وان القمع لا يُجدي ولا يُفضي الى حل لما تراه هذه المؤسسات والدوائر مشكلة من صنع أصحابها. الحل هو بالاعتراف بان التحول الجنسي حق من الحقوق الشخصية يتسق ويتجاوب مع ما أراده الله أو فعلته الطبيعة.
 

المدى
العدد (2396) الخميس 16/2/2012



 

 

free web counter